بين الثقة بالنفس و الغرور
الشخص المغرور يرى في نفسه ان هذا الغرور هو
ثقة بالنفس ( او ثقة زائدة عن اللزوم ) لدرجة انه لا يريد ولا يتقبل اي رأى تقوله
له او اية نصيحة.. ويحب دائما استغلا ل الاخرين وفي النهاية تكون انت دائما
على خطأ وهو دائما على صواب ، ولا يستمع لك ويحاورك الا في حالة واحدة فقط اذا
كانت له مصلحة عندك .
فهذا الشخص للأسف قد وقع فريسة للأنا
والاستعلاء ، وهي مصيدة شيطانية ترمي بشباكها على من ضعفت نفسه ولم تسعفه قدراته
وثقته بنفسه أن يتجاوزها .
فكيف نتعامل مع صاحب هذا السلوك؟
لو نظرنا إلى المغرور جيِّداً لرأينا أنّه
يعيش حبين مزدوجين : حبّاً لنفسه وحبّاً للظهور ، أي أنّ المغرور يعيش حالة أنانية
طاغية ، وحالة ملحّة من البحث عن الإطراء والثناء والمديح . وفي الوقت نفسه ، تراه
يقدِّم لنفسه عن نفسه تصورات وهمية فيها شيء من المبالغة ، فيصف نفسه بأ نّه دائما
قد حاز على إعجاب البعض ، وان لديه بعض المميزات والملكات الشخصية التي لا يتصف
بها احد غيره ، فإنّه يعد نفسه فريدا فى عصره وآوانه
و يجب التفريق بين مسألتين الثقة
بالنفس و الغرور .
فالثقة بالنفس لاتكون الا بتكرار النجاح ،
والقدرة على تجاوز الصعوبات والمواقف المختلفة ، والحكمة في التعامل ، وتوطين
النفس على تقبّل النتائج مهما كانت ، وهذا شيءإيجابي .
أمّا الغرور فهو مرض الشعور بالعظمة وتوهّم
الكمال و أنّ الفرق بينهما هو أنّ الأولى تقدير للامكانات المتوافرة ، والثانية
فقدان للامكانات .
ولذا قيل : ( الراضي عن نفسه مفتون )
إنّ الشعور بالانتفاخ لا مبرر له ، فهو أشبه
بالبالون المملوء بالهواء ، أو بالورم الذي قد يحسبه البعض سمنة العافية وما هو
بالعافية ، وفي ذلك يقول المتنبى :
أُعيذها نظرات
منكَ صادقةً***أن تحسبَ الشحمَ فيمن شحمُه ورمُ
هناك شحم جسدي مادي وورم مادي ، وهناك شحم
عقلي ، وشحم روحي ، والبعض قد يكون عنده ورم عقلى عندما يظن نفسه عالما وهو ليس
بعالم ، ولذلك كل الذين تلاحظوهم يستعرضون عضلاتهم ويستعرضون وجاهتهم
ويتكبرون ، هؤلاء يعيشون ورم الشخصية ولا يعيشون قوة الشخصية ، لأنك لو استنطقتهم لرأيتهم
فارغين من الفكر ، وفارغين من كل ما يرفع مستوى الإنسان. ( ومع الأسف، بعض الناس
قد يتحركون مع الذين يعيشون ورم الشخصية ولا يتحركون مع الذين يعيشون قوة
الشخصية وواقع الشخصية )، لأن الناس قد تغرها المظاهر في هذا المقام أو قد يطمحون
الى نيل مطلبة ما ، فهذا الذي يعيش قوة الشخصية ضعيف وهزيل لا يملأ عينك ، وذاك
تراه على أنه منتفخ ، ولكن عندما تنفذ إلى داخله لا تجد هناك أي شيء يوحي بالقوة
عنده.
أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون و هناك
كثير من الناس قد يكونون مقتنعين ولكن لا يظهرون هذا الشيء عملياً ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ) (النمل/14) وهذا
موجود فى أماكن كثيرة والجاحدون شاركو المستكبرين فكانوا امثالهم ( إنه لا يحب المستكبرين ) (النحل/23)، لأن المستكبرين
لا يعيشون عمق الحقيقة . ومن دون أن يدخلوا في حوار مع الآخرين . وهذا أمر ربما
كان موجوداً في أكثر المجتمعات ، لأن بعض الناس لا يرفضون ما يرفضونه على أساس
الثقافة ، وإنما يرفضونه من خلال عقد نفسية وشعور بالنقص قد تمنعهم من
الاقتناع .
وكل منا فى حياته ، قد يلتقى بمن يقول له
مثلاً إنك لو بقيت تتكلم معي من الصباح حتى المساء لست مستعداً لأن أقتنع بما تقول
، أنا لن أغير تفكيرى ، ان الذي في عقلي لو جاءت كل الدنيا فلن أبدله ، فلماذا لا
تتبدل؟ ان لك عقل وللناس ايضا عقول فلماذا لا تستمع وتتعلم مما يفكر به
الآخرون؟
وهناك نقطة يجب أن نلتفت إليها ، وهي أن أكثر
مسائلنا العقلية إما اننا ورثناها من أهلنا ، أو تأثرنا بها من خلال بيئتنا
المحيطة بنا ، أو أننا فكرنا بها أو اقتنعنا بها.
لذلك فالعصبية لا تنطلق من حالة وعي ومن حالة
علم واحترام الإنسان لذاته ، فالعصبية جمود وجهل ونقص فى الشخصية ، كالشخص
الذي يعيش في سجن فيألف هذا السجن ، كذلك العصبية هي أن تسجن ذاتك وعقلك في داخلك
. فهؤلاء الناس عندما يقال لهم ( اتق الله ) تأخذهم العزة بالاثم فليحملوا أوزارهم
ألا ساء ما يزرون. هذه نماذج من الناس الذين ظلموا أنفسهم.وانحبسوا داخل أدمغتهم.
قال تعالى:( وَلاَ
تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ
لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار ُ)
وقال أيضا: ( يَوْمَ
لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ
الدَّارِ )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق