27‏/02‏/2013

نيلنا الحبيب: المبحث الثاني - * أسباب تلوث مياه نهر النيل (صحي –...

نيلنا الحبيب: المبحث الثاني - * 

 أسباب تلوث مياه نهر النيل (صحي – زراعي– صناعي)





أولا:التلوث الصناعي :-
حجم المخلفات الصناعية في مصر يقدر بحوإلى 500 مليون متر مكعب في العام وينتج عن الصناعات الغذائية تليها الصناعات الكيميائية ثم الصناعات المعدنية وصناعات كثيرة أخرى .
والخطير أن معظم الصناعات تقوم بصرف مخلفاتها الصناعية السائلة دون معالجة في النيل أو في الترع والمصارف الزراعية لتصب بعد ذلك في بحيرات شمال الدلتا وبعض المخلفات يصرف في مجارى الصرف الصحي ويجد طريقة في النهاية إلى المصارف والمسطحات المائية الأخرى.

نفايات الصناعة:_المعادن الثقيلة السامة وأخطرها مركبات الزئبق والرصاص والكادميوم ألي جانب نزول هذه المركبات السامة مذابة فى مياه ساخنة يؤدى إلى التلوث الحراري مما يقلل الأكسجين فتهلك الهائمات النباتية والحيوانية .وتتوقف التغيرات الضارة على :-1. كميه و درجة تركيز المخلفات بالنسبة للمسطحات المائية التي تلقى فيها 2_. حركة الماء وكمية المواد العالقة ودرجة الحرارة . 3_ تركيز الأكسجين ووفرة الطحالب والهائمات .أضرار التلوث بنفايات المصانع :1_تهلك المعادن الثقيلة البكتريا الهوائية فتقلل من القدره على التنقية الذاتية للماء .2_تحول الزئبق فى القاع الطيني ألي أيونات ميثيل الزئبق بفعل البكتريا الهوائية ، وانتقال هذه المواد خلال سلاسل الغذاء وتسبب تسمم الإنسان عند تغذيته على أسماك ملوثة .3_ تراكم هذه المواد السامة فى البيئة المائية لسنوات طويلة يضاعف أثرها

* أهم مناطق التركيز الصناعى التي تؤثر على مياه النيل :-
1 :منطقة اسوان حيث يمثل مصرف النيل الذي تتجمع به المخلفات الآدمية والصناعية والزراعية نقطة تلوث هامة لمياه نهر النيل عند موقع الصرف .
2 : مجموعة مصانع السكر بكوم امبو , ودشنا , وقوص , ونجع حمادى .
3ـ مصنعى شركة النيل للزيوت والصابون
4- وشركة النصر لتجفيف البصل بسوهاج.
5ـ مصنع الشركة العالمية والصناعية باسيوط.
6- ( 32) مصنع بحلوان منها:-
- شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات
- شركة النصر لصناعة السيارات
- مصنع الحديد والصلب
- مصنع النسيج
- مصانع أخرى للاسمنت وغيرها ....
7ـ مصانع التقطير والكيماويات بالحوامدية .
8ـ مخلفات شركة الملح والصودا المصرية فى فرح رشيد عند كفر الزيات.
9- شركة كفر الزيات للمبيدات والكيماويات.
10ـ فى فرع دمياط عند طلخا مخلفات شركة النصر للأسمدة.
(يبلغ عدد العناصر الكيماوية المصنعة والتى تعد من النتجات السامة اكثر من (1500) نوع )

*أهم العناصر الثقيلة الموجودة فى المخلفات الصناعية وأثارها القاتلة على الكائنات الحية :-

عنصر الزئبق :

مصدره المخلفات الناتجة من خلال التحليل الكهربى فى صناعة هيدروكسيد الصوديوم وغاز الكلور
الأعراض :- والتسمم بالمركبات غير العضوية للزئبق يؤدى إلى خلل عصبى "Nervous Disorder"يسمى رعشة هاتر "Hatter Shekes"اى "رعشة القبعة"
- الإصابة بعنصر الزئبق يؤدى الصداع والرعشة والتهاب المثانة وفقدان الذاكرة .
- ميثيل الزئبق اكثر سمية لسهولة نفاذة فى الاغشية .,حيث يتركز فى الدم ويؤثر تأثيرا داءما على العقل والجهاز المركزى ,
الكادميوم Cd
يتشابه مع الزئبق فى انه له خواص تراكمية فى أجسام الكائنات الحية , حيث يتجمع فى كلـــــــية الإنســــــان ,

الرصاص pb
من الملوثات ذات الأثر التراكمي السام القاتل والمميت

الأعراض :المغص ,و الانيميا , والصداع , والتشنج , والمغص الكلوى . ومن طرق معالجة التسمم بالرصاص استعمال الكلابيات (Chelates)التي تكون متراكبات الرصاص مثل :ـEDTA

الزرنيخ :As
يدخل فى صناعة المبيدات وهو مثل باقى المعادن الثقيلة الأخرى ومركباتها, فان له تأثير ضار وسام على الكائنات الحية ,عندما يصل تركيزها إلى حد معين , ونرى التأثير الضار للمعادن الثقيلة الموجودة فى مياه الصرف التي أدت إلى تلوث محصول البلح وكان القرار يرجع لاحد المسئولين فى العيش وهذا ما كتب تحت عنوان (النخيل يموت واقفا فى العريش , ولم يتحرك أحد لانقاذه.

البقايا الحيوانية والفضلات والقمامة:

إنه من جهل الناس بحقيقة نهر النيل وانه مصدر الماء والأساسي ما يفعلوه فقد اعتبروه مصرف للتخلص من جثث حيوانات المزرعة النافقة أو التخلص من الفضلات والقمامة واصبحوا يرمون به كل ما يخافون أن يجلب لهم أذى مثل القمامة "الطيور الميتة والمصابة بانفلونزا الطيور مأخرا" دون العلم بانهم جالبى الاذى لانفسهم عند القاءهم تلك الأشياء.
قديما كان فيضان النيل " قبل إنشاء السد العالى " يعمل عملية غسيل ذاتية سنوية للتلوث .,حيث كان النهر يزيد تراكم الملوثات وكانت حركة المياة المستمرة وتقلبها تساعد على طرد الملوثات خارجا.


ثانيـــا: :ملوثات بيولوجية :

اي وجود كائنات حية مرئية أو غير مرئية بالماء ومنها البكتيريا والفيروسات وبعض الطفيليات كالبلهارسيا أو بعض الطحالب والنباتات المائية .
وهذه الملوثات تاتى عن طريق مياه الصرف وقد تؤدى إلى تسمم الانسان او أصابته بالأمراض ..فمثلا السالمونيلا SALMONELLA وهي بكتيريا
تسبب التيفود .

السالمونيلا:-

التيفود والباراتيفود وغيرها مثل الشيجيلا, فبرو كوليرا التي تسبب الكوليرا وغيرها ،ومن أهم الطفيليات التي تلوث الماء ديدان الإسكارس وديدان البلهارسيا، ومن أهم الفيروسات التي تلوث الماء فيروس الكبد ـ خاصة الفيروس A ـ الذي يؤدى إلى الإصابة بمرض اليرقات الصفراء .




ثالثــا :ملوثات عضــــوية :_

وهى عبارة عن الفضلات النباتية والحيوانية الخام التي لم يتناولها أي انحلال .
والتلوث العضوي يؤدى إلي نقص الأكسجين واختناق جذور النباتات , واختلال نسبة الأكسجين إلى ثاني أكسيد الكربون يؤدى إلى التأثير على العمليات الحيوية ..وتتزايد أعداد الميكروبات .. وكذلك انتشار الحشائش والنيماتودا والأمراض الفطرية

رابعــا: التلوث الزراعي:-
نجد أن تلوث الصرف الزراعي كبير
ونجد أن مبيد d.d.t المحظور دوليا مازال يستخدم في مصر وتشير الدراسات إلى أن 80% من المبيدات المستعملة في مصر تتسرب إلى مياه النيل و20 % إلى الطعام الذي نأكله وحتى الآن مازالت مصر تستورد 50 ألف طن مبيدات سنويا وتوجد مصانع عديدة لإنتاج الأسمدة والمبيدات الحشرية تلقى بمخلفاتها الضارة بالنيل لنصبة بالدمار حيث تنتشر عناصر الكبريت والتيتانيوم والسليكون والمنجنيز فضلا عن الفضلات الآدمية والحيوانية .

خامسـا:التلوث الصحي:-

لصرف الصحي سنوياً حوالي 5 مليار متر مكعب يتم معالجة 2 مليار منها فقط وهناك3 مليار يتم صرفهــــــــا بنهر النيــــــــل .ونجد أن تلوث نهر النيل بمياه الصرف الصحي يصل لمعدل خطير جدا ففي القاهرة يتم إلقاء 300 ألف متر مكعب في اليوم إلى مصرف الرهاوى دون معالجة وهذا مصرف يصب في فرع رشيد مما يزيد من التلوث وفي الجزء الشرقي من القاهرة فيلـــــقى معظم صرفة الصحي دون معالجة إلى مصارف الخصوصي وبلبيس التي تصب في مصرف بحر البقر الذي يصب في بحـــــيرة المنزلة والذي يؤدى إلى تلوث الثروة السمكية.

*أسباب و أثار تلوث نهر النيل من الجانب الصحي:
ملوثات بالنيل لها أضرار مباشرة وأخرى ثانوية تظهر بشكل ملوث في المياه المنتجة للشرب بعد المعالجة مثال مركبات الكلوروميثان وغيرها وهى مسرطنة وقد تقضى على الإنسان عند الاستحمام بماء دافئ (تسبب الاختناق وفقدان الوعى) والعناصر الكيماوية لايقضى عليها بغلى الماء أو إضافة غاز الكلورين وبالتالي شرب الشاى أو الطهى بمياه الحنفية لايحمى الانسان من تجنب هذه الأمراض والتى تظهر أعراضها بعد عدة سنوات من شربها وتراكم هذه الملوثات بجسم الانسان! الضرر سوف يلاحق الجميع من يشرب مياه معبئة اوغيره.لابد من إعادة النظر فى الكود المصرى لمياه الشرب بناءا على دراسات حقيقية تربط الواقع من انتشار الأمراض بالملوثات من خلال تجارب بالبيئة المصرية ولانعتمد على النقل من الكود الأوربي أو الأمريكي فالإنسان المصرى يشرب أضعاف مايشربه مواطنى هذه الدول من المياه –

مياه النيل تتعرض للكثير من مصادر التلوث، التي تعد نتيجة مباشرة للتوسع في مشروعات التنمية الصناعية والزيادة السكانية وغياب التخطيط البيئي، وقبل أعوام هدد شبحتلوث المياه حياة المواطنين بظهور حالات وبائية من الإسهالات المائية (الكوليرا)،مما حدا بوزارة الصحة لإصدار قرار بإيقاف كمائن الطوب الموجودة على امتداد النيل،باعتبارها سبباً مباشراً للتلوث،

إلا أن شبح التلوث المائي أطل بوجهه من جديد بظهور حالات إسهال ونزلات معوية، بكل من ولاية الجزيرة وسنار ونهر النيل والنيل الأبيض، وبعض المناطق كالزيداب وود حامد. صاحب ذلك تصريح من وكيل وزارة الصحة الاتحادية بوجود تلوث في مياه النيل، محذراً المواطنين من مخاطر الشرب المباشر. (الأخبار) حققت في الأمر للتوصل إلى حجم التلوث وأسبابه وكيفية احتوائه، وفكت الكثير من طلاسم المسألة التي تهدد صحة المواطن وحياته.
خبيرة بيئية: مصادر نمو الذباب في المنطقة كبيرة وعالية والقطاع النيلي عبارة عن (كوشة)..!!
البيئة الموجودة على ضفاف النيل مصدر رئيسي للتلوث البيولوجي!!الدكتور سنادة: اتخذ من التدابير الكافية لمنع التلوث الآن أو ادفع الثمن باهظاً فيما بعد.. والدول الصناعية تدفع الثمن الآن غالياً.

سادســا:مصادر نباتية :-

حيث تتكاثر بعض النباتات المائية مثل ورد النيل وهو من الحشائش المائية الضارة التي تسد القـــنوات والترع وروافد نهر النيل في كل أرض مصر والنبات الواحد يتضاعف 150 مرة خلال ثلاثة أشهر ووجوده الكثيف في اى مسطح يعوق الملاحة وحركة السفن ويستهلك جزء من ماء النيل كما يوفر مناخا مــواتيا لنمو الكائنات التي تلعب دورا هاما في أمراض عديدة كالبلهارسيا والملاريا والدودة الكبدية كما يعــرض الثروة السمكية للموت بسبب عدم وصول أشعة الشمس للكائنات الحية مما يسبب تراكم البكتيريا والكائنات الضارة .

تغيرت بيئة الحشائش بعد السد العالي داخل مياه النيل وساعد على ذلك التلوث الناتج من الإنسان ومن أمثلة النباتات الطافية ورد النيل وعدس الماء وخس الماء والبشنين و اللوتس وتوجد نباتات مغمورة مثل بخشوش الماء كما توجد نباتات تنمو على الشواطئ وقد تغمر أحيانا بالماء ويؤثر نمو الحشائش عـــلى إنتاجيه السمك حيث تعوق حركتها وتحتل مكانها كما أن للحشائش النيلية اثارا ضارة على الصحة العامة نتيجة تكاثر أنواع من الطفيليات عليها فتختبئ فى هذه النباتات يرقات البعوض وقواقع البلهارسيا ومن أنواع الطفيليات الديدان المفلطحة الو رقية - الأسطوانية واخطر هذه الديدان البلهارسيا التي يصاب بها الانسان عند الاستحمام ( العوم ، الوضوء .

خسائر تلوث نهر النيل


1. ختفاء 33 نوعا من الأسماك بالإضافة إلي أن النيل يقوم بدورة تتقلب خلالهـا مياهه كل عام وينتج عن هذه الدورة نفوق أعداد هائلة مـــــن الأسمــــــــــاك .

تلوث النيل بالسفن والفنادق العائمة
- تلقى الفنادق العائمة بفضلاتها و صرفها الصحي بدون معالجة إلى النيل ولذلك تشكل الفنادق فى الوقت الحاضر عاملا من عوامل تلوث مياه النيل ويضاف اليها كذلك ســـــائر وســـــائل النقل النــــــــهري.

وللأسف فان قانون حماية نهرالنيل من التلوث ولائحتة التنفيذية على الفنادق العائمة وغيرها من الوحدات النيلية لا يطبق حتى الآن .

التلوث الناتج عن السلوكيات

جرت العادة على الاغتسال فى مياة الترع وغسل الأواني والخضروات وتنظيف الدواجن والماشية، بل و القاء ما ينفق منها فى المياه حتى القرى التى وصلت اليها المياة النقية فانه عند انقطاع المياه يلجا السكان إلي نقل المياه من الترع للاستعمال المنزلي 00 هذه السلوكيات تسبب تلوث المياه وتجعلها مصدرا لنقل الأمراض ويزداد الأمر خطورة عندما تلقى بعض القري والمدن الصغيرة صرفها الصحى في الترع والمصارف الفرعية ولا يقتصر التلوث على المياه السطحية بل يتعداه للمياه الجوفية قليلة العمق التي يرفع منها بعض السكان المياة االلازمة لهم بمضخات يدوية ومن ضمن السلوكيات الخاطئة صرف مخلفات المصانع غير المعالجة على النيل وتحويل الصرف الزراعي على مجرى النيل وما تحمله مياه الصرف الزراعي من مبيدات حشرية وبقايا الأسمدة وتزداد نسبة التلوث فى الترع كلما نقصت كميات المياة التى تجرى فيها أما فى الترع الفرعية فان اثر التلوث بها اشد خطورة مع قلة تصرفاتها 00 أيضا مسببات التلوث مانراه من قيام البعض بإلقاء الجثث والحيوانات النافقة داخل حرم النهر وبعد تحللها تنتشر الروائح الكريهة .


- وتوجد ملوثات أخرى ناتجة عن الإشعاعات و النفايات الذرية والقاء المــــــواد المصابة بالإشعاع وعوادم السيارات وتلوث الأتربة و استخدام السـموم و المتفجرات والصعق الكهربائي لصيد الأســماك
- مخلفات المستشفيات تبلغ حوالي 120 ألف طن سنوياً منها 25 ألف طن من مواد شديدة الخطـــــــــــــــــورة .

23‏/02‏/2013

بيوت لله.. وليس للرئيس



بيوت لله.. وليس للرئيس
صلاح عيسي.....المصري اليوم 22 /02/2013
أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية فى الأسبوع الماضى، حكماً بحظر استخدام منابر المساجد لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية، وقالت هيئة المحكمة - التى ترأسها المستشار «د. محمد عبدالوهاب خفاجى»، نائب رئيس مجلس الدولة، وضمت فى عضويتها المستشارين «عوض الملهطانى» و«خالد جبر» و«أحمد درويش» - فى حيثيات حكمها، إن المسجد هو قلب المجتمع الإسلامى.. وملتقى المؤمنين لأداء حقوق الله واستلهام الرشد واستمداد العون منه، وإن مهمة الأئمة والخطباء، خاصة فى أيام الجمع هى «أن يشرحوا للمصلين تعاليم الإسلام ويبينوا لهم حدود الله، ويفقهوهم بما فى الكتاب والسنة من عظات وآداب»، لذلك «يتعين عليهم ألا يستخدموا منابر المساجد فى تحقيق أهداف سياسية أو حزبية، ويجب عليهم أن يبتعدوا عن التيارات السياسية انضماماً لطرف وطعناً فى الآخر.. فلا يجوز خلط الدين بالسياسية».
وأضافت حيثيات الحكم أن على الأئمة والخطباء أن يستمدوا خطبهم من معانى الفضائل الإسلامية، التى وردت فى الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح لأن فيها «ما يغنى عن التعرض للأمور الخلافية التى تتعصب لوجهة نظر معينة أو الخوض فى الجدل السياسى بين الأطياف المختلفة، فالمسجد يجب أن يجمع ولا يفرق ويلم شمل الأمة، فقد شقى المسلمون بالفرقة زمناً طويلاً وعاشوا فى ضيم وظلام بسبب عدم مراعاة ذلك».
ومع أن الصحف التى نشرت مؤخراً حيثيات هذا الحكم، لم تحدد موضوع القضية التى صدر بشأنها، ولا الجهة الإدارية التى صدر ضدها، إلا أنه يرتبط ولو بشكل غير مباشر، بظاهرة سياسية ودينية قديمة، عادت للبروز من جديد منذ سبعينيات القرن الماضى، حين اتخذت جماعات الإسلام السياسى، من عدد من المساجد الأهلية، مقار حزبية لها، تمارس فيها نشاطها السياسى، وحولتها - بذلك - إلى مجتمع لتجنيد الأنصار، ومراكز للاتصالات والاجتماعات السرية فيما بين قادتها وقواعدها، ومساحة لنشر أفكارها الفقهية، وفى بعض الأحيان إلى مخازن للأسلحة، حتى أصبح لكل جماعة منها، مساجد بعينها، تديرها بنفسها، وتقصرها على أعضائها والمتعاطفين معها، ويحتكر الخطابة وإلقاء الدروس الدينية فيها دعاتها.. وتقدم عبر ملحقات المسجد، خدمات متعددة للمواطنين، خاصة فى المناطق الفقيرة، تعجز الدولة عن تقديمها لهم، فيزداد عدد المؤلفة قلوبهم الذين ينضمون إلى صفوفها.
وهكذا حولت هذه الجماعات بعضاً من بيوت الله إلى بيوت لها، واستغلت الحصانة التى تكفلها لها القوانين والأعراف - باعتبارها دوراً للعبادة - فى أمور بعضها يخالف القانون، والآخر يخالف تعاليم الإسلام نفسه، كالتخطيط لعمليات اعتقال وحملات تأديب ضد خصومهم، وأصبحت بعض منابرها مساحة للطعن فى أعراض الآخرين وإصدار أحكام بالكفر بحق الذين يختلفون معهم فى الرأى أو فى الاجتهاد، بما فى ذلك المنتمون إلى التيار نفسه.
وهكذا دخل المسجد طرفاً فى الصراع السياسى بين الحكومات وبين أعضاء هذه الجماعات، ليس باعتباره مسجداً، ولكن باعتباره مقراً لأحزاب معارضة، وكما شهد المسجد اغتيال الخليفة عمر بن الخطاب، شهد كذلك اغتيال الملك عبدالله الأول ملك الأردن، ورئيس الوزراء الإيرانى «رزم آراه» عام 1951، وحاول «جيهمان العتيبى» فى أواخر السبعينيات الاستيلاء على الحرم المكى، ولم تتورع حكومة «حماس» فى غزة قبل سنوات عن تدمير أحد مساجد القطاع، بعد أن تحصن به زعيم إحدى الجماعات الإسلامية المتشددة وأنصاره وأطلقوا من نوافذه وسطحه ومئذنته النيران على أجهزة الأمن التى جاءت للقبض عليهم لمعارضتهم سياسات الحكومة الإسلامية.
وخلال الشهور الأخيرة، شهد عدد من مساجد مصر، مشادات بين خطيب الجمعة والمصلين، لأنه كان يتطرق فى خطبته إلى أمور سياسية يختلفون فيما بينهم حولها، فينحاز فيما يقول إلى رأى فريق منهم، مما يدفع أصحاب الرأى الآخر إلى مطالبته بعدم التطرق إلى أمور سياسية يختلف فيها الناس، وفى مساجد أخرى شن خطيب الجمعة حملة عنيفة على زعماء الأحزاب المعارضين لسياسات الرئيس محمد مرسى، ووجه إليهم خلالها اتهامات بالمروق من الوطنية والخروج عن الإسلام، وهو ما أثار أنصار هؤلاء من المصلين فطالبوه بالنزول عن المنبر.
والغريب أن بعض خطباء المساجد يرون أنه ليس من حق المصلين الاعتراض على تطرقه للسياسة فى خطبته، ويعتبرون أن ذلك مؤامرة يدبرها أقطاب المعارضة عبر عناصر من أنصارهم يندسون بين صفوف المصلين لإثارتهم ضده، وسمعت أحدهم فى برنامج تليفزيونى يقول بصراحة يحسد عليها، إنه تنبه لهذه المؤامرة، فأمر بعض أنصاره بالتربص بهؤلاء، فما إن تبدر من أحدهم كلمة اعتراض على ما يقوله فى هذا الشأن، حتى ينقضوا عليه ويخرجوه عنوة من المسجد وقفاه يقمر عيش، ويقولوا له: اللى مش عاجبه خطبة الشيخ يدور على مسجد تانى يصلى فيه!
ومع أن حكم محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية قد أسعدنى، إلا أننى لا أعرف من هى الجهة الإدارية التى يخاطبها هذا الحكم.. وهل فى مقدورها أن تنفذه أم لا.. ما أعرفه أن القوانين المصرية تزدحم بمواد تخلط بين الدين والسياسة وتحظر ممارسة أى نشاط سياسى أو تشكيل الأحزاب على أساس دينى، وتحظر استخدام دور العبادة للدعاية السياسية والانتخابية.. ومع ذلك فإن أحداً لا ينفذ أى مادة.. والغالب أن الأمر سوف ينتهى بتعليق لافتة على بعض المساجد، تقول: ممنوع دخول المعارضين للرئيس مرسى!

15‏/02‏/2013

لحظة فارقة



لحظة فارقة
لحظة فارقة بين عهدين  كنا ننتظر إنبلاج الفجر. هذه لحظات فارقة في حياة الشعوب  ينبغي الوقوف عندها و التأمل فيها   لمعرفة   لماذا حدث هذا الذي حدث فى تونس وفى مصر وفى ليبيا وفى اليمن وفي سوريا وسنتوقع حدوثه فى بلاد اخرى؟
هل تم تغييب وعي هذه الشعوب؟ أم هل إستكانت هذه الشعوب فيما مضى   حتي حدث هذا الذي حدث  فيما يسمونه من فساد و إستبداد . إن ما حدث ويحدث في  العالم العربي   في خلال السنين التي مضت  هو شيء مهول يعجز القلم عن تصويره  .الانسان العربي   الذي ظل يرفل في قيود الذل  و العبودية والفقر والجهل و المرض لسنين عديدة .لم يرى جديدا يتحقق في مجتمعه و في حياته  بعد هذه الثورات . بل سارت  الأمور من سيىء إلي أسوأ  بسبب الإستهبال و الغش و الخداع و الفساد و كبت الحريات الذي مازال قائما . الأمر الذي أدي إلي سرقة جهود الآخرين  وتحويلها إلي حساب قلة إمتهنت  مص دماء وعرق الكادحين باسم الدين . و هذا أدي إلي أن يتجرأ المتقولون باسم الاسلام في تكفير من يعارض سياستهم . هؤلاء الفاسدين الذين يهدفون الى تحويل بلادهم إلي إقطاعيات  أو إلي ( امارات اسلامية ) تعيش فيها قلة مسيطرة في نعيم  بينما يظل الفقراء  يتجرعون كؤوس البؤس و الحرمان . فالمسئول الأول في الدولة يعيش في معزل عن شعبه بسبب قلة فاسدة إلتفت حوله و سمت نفسها جماعة الرئيس أو عشيرته.
ان الفساد قديم قدم التاريخ  و يوجد في كل مكان و بمقادير متفاوتة وهذا لاشك فيه. ولكن لا يعني هذا أن نسمح لهذا الفساد  أن يبقى متغلغلا في بلادنا بحيث يصبح ثقافة . و يؤدي إلي تعطيل المصلحة العامة  بسبب قلة وصولية متملقة تزين للحاكم كل التقارير لتحصل على مقابل وظيفي أو مادي .
والمسلم الحر يأبى الضيم  ويرفض الذل . و حين يهتف  الله أكبر . الله أكبر .  لا يرضى لغير ربه أن يكون مستعلياً عليه  ولا لغير دينه فوقه سلطاناً   ولن يصلح حال أمتنا  إلا بما صلح به أولها .
ان المتتبع للاحداث   في السنوات  الاخيره ٠ يلاحظ عمليات انهيار في كل شيء ابتداء  من الاقتصاد وانتهاء بالدين والأخلاق .  والفاعل مجهول  عشرات المليارات ضاعت من الاحتياطي النقدي ولاحس ولاخبر .
اذن فالتغيير الان يجب ان يكون حتميا في جميع المجالات .  ونعلم بان الثورات تعيد بناء الشعوب وتغيرها  من حال الفساد الى حال الاصلاح ومحاربة الفساد . تكون الثورات لأرجاع الحقوق الى اصحابها والغاء  التميز بين ابناء الوطن الواحد .  والشعوب هي التي  تحدد مصيرها .
ان الشعوب اقوى من كل الكراسي  مهما كانت محمية . فالشعب هو القوي والكرسي أضعف  مهما كانت صناعته . والشعوب هي التي تكتب التاريخ  .
لقد إجتمعت كل العوامل القهرية المحفزة للثورة على الظلم والطغيان فثارت . فالشعوب  الان تقول لحكامها  يكفي ماحصل ولسنا مستعدين للمزيد . فاض بنا . ان ثورات الشعوب سونامي يعصف بكل شيء فلا قوى أمنية ولا جيش يستطيع ان يوقف الشعوب المظلومه . فالجيش والقوى الامنية ماهي إلا من أبناء تلك الشعوب .

04‏/02‏/2013

نهاية الربيع العربي... ولكن لا عودة إلى الوراء



نهاية الربيع العربي... ولكن لا عودة إلى الوراء
جزء من مقالة :
جمال خاشقجي *
السبت ٢ فبراير ٢٠١٣
هل انتهى الربيع العربي؟ نعم لقد انتهى بدفئه ورومانسيته، تحوّل إلى «عالم الواقع» بكل مرارته، وضع اقتصادي مترد، أجهزة حكومية متداعية ورثتها الأنظمة الجديدة، بالطبع لن يقتنع مصري واحد عندما يصرح وزير النقل بأن 85 في المئة من شبكة السكة الحديد في مصر انتهى عمرها الافتراضي، ليبرر حوادث القطارات التي قتل فيها عشرات المصريين أخيراً، وأن النظام السابق هو المسؤول بإهماله وفساده، المواطن المصري الغاضب لم يعد يرى مبارك ونظامه، الوزير الحالي هو المسؤول اليوم ومعه الرئيس مرسي وحركة الإخوان المسلمين، وسينادون برأسه متى وقعت حادثة أخرى. تزيد الطين بلة، بيئة سياسية مراهقة، تتصيد الأخطاء وتتربص، وحكومة صعدت للسلطة من دون خبرة أو مشروع.
انتهى الربيع العربي، ولكن «الثورة العربية» مستمرة بغضبها وثاراتها وتحولاتها التي لا تتوقف، المحلل المتفائل قال في زمن ازدهار الربيع، وهو يرى المواطن المصري يعيد طلاء أرصفة ميدان التحرير، والليبي يحضن أخاه ويبكي، إن العربي سيمضي في نهضته الجديدة، وقد استوعب أخطاء الثورات السابقة، زاعماً أن ثمة خبرة إنسانية جمعية تتراكم، وأن العربي المواطن والسياسي قرأ واستوعب تجارب سبقته.
أما المحلل المتشائم أو الواقعي الذي خف صوته في بدايات الربيع خشية أن يوصف بأنه «فلول»، فله الآن أن يمد رجليه، ويحاضر فينا كيف أن الثورات كائن حي تتصرف وتتحوّل وفق سنن كامنة فيها، بعيداً عن مثالية الثوار الحالمين، فيقول إن مصر وهي الجائزة الكبرى للربيع، ستحتاج عقداً كاملاً من الزمان على الأقل ريثما تستقر، ثم يحاضر على السامعين في تاريخ الثورة الفرنسية، وكيف استغرقت عقداً لتهدأ، ثم عقوداً لتكمل تحولاتها نحو نظام ديموقراطي فعال.
ولكن كلا المحللين سيتفق على أن لا عودة للماضي، قد يسقط مرسي أو يضطر لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة (وفي ذلك حركة التفاف ذكية من الإخوان)، ولكن لن يرجع بالتأكيد نظام مبارك أو ما يشبهه، حتى لو تسلم الجيش السلطة، فسيكون ذلك موقتاً، ريثما يعاد ترتيب المسرح الديموقراطي، لن يختفي الإخوان، ولن يستطيع أحد حظرهم من جديد، وكذلك لن يختفي أحد من القوى الليبرالية التي ستتفكك من جديد، بعدما تحقق سبب اجتماعهم في «جبهة الإنقاذ»، وهو إسقاط نظام الإخوان.
سيلف المصريون ويدورون، ومعهم كل الربيعيين العرب بحثاً عن صيغة للحكم ترضي الجميع، خصوصاً النخب الليبرالية التي لم تستوعب صعود القوى المهمشة، قد تتوقف الحياة السياسية على يد الجيش مدة عام أو عامين، ولكنها عندما تستأنف لا مفر من العودة لصندوق الانتخاب أو الفوضى، لن يستطيع ضابط مصري وسيم مرة أخرى أن يحكمهم «بشرعية الثورة» بخطب ووعود، لقد جرب المصريون كل هذا، ولا أن يحل الأحزاب «التي فرّقت الأمة» ويشكّل «مجلساً وطنياً»، فلا مكان في هذا الزمن لاتحاد اشتراكي جديد، حتى لو رفع الضابط الوسيم راية الدين الرائجة هذه الأيام، قد يجد شيخاً سلفياً ينظر له فكرة «مجلس أهل الحل والعقد»، ولكن عليه أن يحيطه بعشرات الدبابات، ليحميه من شباب الثورة رقم 4 أو 5.

03‏/02‏/2013

انتكاســـات ودكتـاتـوريـــات جديـــدة

انتكاســـات ودكتـاتـوريـــات جديـــدة

وفاء البوعيسى
كاتبة ليبية مقيمة في هولندا

لا يمكن تجاهل ما يحدث اليوم بالمنطقة العربية والعالم, بسبب ذلك الربيع, الذي جاءنا ذات نهار شتوي, بانتفاضة شعب بأكمله, لشاب مُعدم أضرم النار في نفسه, ليصير وقودا لثورات أخرى وصلت لأعتاب الصين والمملكة المتحدة, في تسلسل درامي للأحداث, لا تكاد تمنحنا وقتا لالتقاط أنفاسنا.
كان مشهد انتقال الثورة من بلد إلى بلد, ومن قارة إلى قارة, صادما حتى لأكثر المراقبين توقعا وتوقا لها, والشوارع تغص بالملايين حول العالم, تهدر غاضبة لإسقاط حكامها, لوّن الأشياء بالأمل والتفاؤل, فتح الباب على زقزقة الحرية, وضجة حقل محرّر, وانتهاء الصرير والصدأ الذي علا الشفاه طويلا, وجعل الشعور باستعادة الكرامة من جديد ممكنا, والتطلع لعيش حالة من الإحساس بالقيمة والتقدير تنتمي إلى عالم الواقع.
لم يكن غريبا, أن تضطر بعض الشعوب لاقتلاع حكامها بالقوة, وتنتزع حقها في أن تكون طرفا ـ رئيسيا ـ في اتخاذ القرار السياسي وتحديد مصيرها, ورسم سياسات بلدها, فقد جاء بعض أولئك الحكام بقوة السلاح, واستمروا بقوة السلاح, فكان انتزاعهم بذات الطريقة, هو الحل الأقرب للمنطق, وبذل الدماء وقوافل الشهداء, هو الخيار الوحيد المتبقي, لكن ذلك كله لم يمنع حقيقة تُطل علينا برأسها طوال الوقت, وتضعنا في سؤال مع أنفسنا طوال فترات تقدم وتقهقر تلك الثوارت, وهي أن الشعوب التي انتفضت على الدكتاتوريات أخيرا, وأسقطتها بالنهاية, تبدو كما لو أنها غير مُهيَّأة لهذا المد الذي جرفها, فانجرفت معه, وانقادت للتيار الذي سحبها بوعي أو بغير وعي.
إنها ذات الشعوب التي كانت البارحة فقط تمجد الحكام, وتمارس كل أشكال الاستزلام والتزلف, لتحظى برضا الحاكم, وتتقي غضبه, حتى انبرت النخب والجمهور أيضا, تشارك في عملية الاستزلام والتزلف تلك, إذ لم يكد يخلو بلد عربي واحد, من وضع ذات الحاكم موضع التبجيل والمديح, تُنشد له الأناشيد, وتُنظم لأجله القصائد, ويُكال له المديح إذا التفت يمينا أو يسارا, يُبارك ما يفعله وما لا يفعله, يُسبَّح بحمده فى كل المناسبات, تضخّم كل إنجازاته مهما كانت تافهة, ويجري التغاضي عن أخطائه, ولو كانت إقامة المجازر والمذابح بحق من يختلفون معه بالرأي أو التوجه, وهي ذات الشعوب التي تذهب اليوم لصناديق الاقتراع, وتعطي صوتها الذي بُح من الهتاف «للحاكم المخلوع أو المقبور», ومن الهتاف لاحقا بسقوطه وتنحيه, للأحزاب الإسلامية التي غابت عن المشهد «الثوري», وتراجعت وهي تنتظر المنتصر, ولم تنسَ أن تذكّر «الثائرين» بطاعة ولي الأمر, وعدم الخروج عليه, واستعادة وتكرار منظومة الأحاديث, والآيات التي تتوعد «المارقين» والمخالفين لشرع الله, تذهب طائعة مختارة, بملء إرادتها في معظم الأحوال, لتمنح ثقتها وأملها لأحزاب, قضى بعض أفرادها عقودا بأكملها, إما مطاردين على تلال أفغانستان والباكستان, أو بين قضبان غوانتانامو, أو بسجون الأنظمة المنهارة, بعد تبادل طويل بينهما للعب أدوار بارزة بمسلسل الدم, وقتل المعارضين لهما من الجانبين, تلك الأحزاب التي تعلن مشروعا «ممسوخا» وغير مفهوم, لإقامة دولة «إسلامية مدنية», ولولا القلق من الغرب الذي يراقب «مصالحه» في المنطقة, والذي لا يؤمن شره, لأعلن هؤلاء عن حقيقة ما يريدونه لشعوبهم, وهو «إقامة دولة إسلامية», تقوم على ابتعاث «الفتوحات» وإحياء مفهوم الخلافة.

انتكاسات

فالشعوب حين تفعل ذلك, حين تذهب بعد كل تلك التضحيات, لإعطاء صوتها وتأييدها لأحزاب ذات توجه ديني, كما حدث بمصر وتونس, وكما يبدو من تقبل الشارع الليبي لوجود شخصيات بخلفية دينية وصاحبة مشروع سابق بالتكفير, داهنت النظام في ما بعد, ودخلت معه في حلف, وأعلنت مراجعتها لفكرها, وتولت الوظائف «المجزية», تكون قد قررت كفرها هي أيضا, بالأفكار الليبرالية والاشتراكية والقومية, لكونها لم تقدم في وضعها شيئاً, ولم تفعل شيئا غير تغييبها طوال عقود, والإمعان في تأزيم أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية, وتشعر بتعاطف من حيث لا تدري, مع أصحاب ذلك المشروع, التي عانت ربما أكثر من غيرها من اضطهاد النظام, وعبر عقود من الإقامة بالمنفى «الاضطراري», علاوة على القتل والسجن الطويل الأمد بدون محاكمة, وهي أيضا تكون قد ارتضت كثيرا القيام بالثورة الأسهل والأيسر, رغم ما يبدو فيها من تضحيات, فهي قد قامت فقط بإنهاء حكام وحتى إنهاء أنظمتهم بالكامل, لكنها تكون قد تقاعست عن القيام بالثورة على ذاتها وعلى تبعيتها, وعلى إصرارها على خلق وإنتاج دكتاتوريين جدد, بلبوس ديني, بدل اللبوس العلماني.
لذا من المرجح جدا ـ من وجهة نظري ـ أن الثورات العربية, مرشحة للوقوع في انتكاسات, ومرشحة للوقوع بيد دكتاتوريات جديدة تصنعها الشعوب بصناديق الاقتراع, أما الغرب الذي يراقب «مصالحه» في المنطقة, ويتأهب لحلحلة أزماته المالية المتفاقمة, والتي تهدد بانهيار اقتصادياته, فإن فوز الاسلاميين, قد يسبقه مباركة لتحقيق ثلاثة أهداف دفعة واحدة, إذ لا تكون أولا قد عارضت إرادة الشعوب بالمنطقة, ولا تعود تظهر بمظهر المعادي للإسلام, وهي فرصة ثانيا لتحسين صورتها بالمنطقة, إذ لم تفرض حاكماً «من صنيعتها» مثلما فرضت كرزاي وغيره على الشعوب العربية والإسلامية بالمنطقة, وهي ثالثا, تحقق الهدف الأكبر بتقديري, حين تسعى لضرب لحمة القاعدة من الداخل بمكافأتها «للمنشق», من الذين ينتمون لفكرها إيديولوجيا وتنظيميا, فهي بمباركتها ودعمها «لخيار الشعوب» في وصول إسلاميين سابقين, بخلفيات ارتبطت بالقاعدة يوما, وبمشاريع أوصلت بعضهم للسجون, سواء ببلدانهم أو بغوانتانامو, قد تشجع البعض منهم على الانخراط في «التطبيع» الجديد معها, ونيل مناصب وسلطة وصلاحيات, من دون قلق من ملاحقة باسم حقوق الإنسان ولا تهديد لأمنها القومي, لا سيما أن ثورة اليمن تمر بمرحلة حرجة, قد تدفع بالبلاد لهاوية الحرب الأهلية, وهي بلد نشط في إيواء الجماعات المتشددة وعناصر القاعدة, وتفجير صراع كبير بالمنطقة, وتهديد منطقة الخليج الغنية, وفرصة استمالة عناصر من القاعدة, أو على أقل تقدير, استمالة المنتمين إليها إيديولوجيا, ومباركة وتشجيع وصولهم لمراكز قرار, وتحت رعاية وتأييد شعبي ودولي, يسمح بطريقة أو بأخرى بتشجيع غيرهم لتقليدهم, والتخلص من حياة المطاردات والتخفي والملاحقة والتهديد بالسجن والقتل.