05‏/10‏/2009

ما زلنا نمتلك فرصه

ما زلنا نمتلك فرصه  




عندما نفكر فكأنما نقول بملء الفاه .. نحن هنا وموجودون ولنا مكان على البسيطه ونشغل بأفكارنا حيزا فى الفضاء الكونى الواسع.
عندما نتكلم عن التفكير وأهميته قال لى أحد الأصدقاء المثقفين أن التفكير لازمه من لوازم الخلق بمعنى أنه لا يوجد إنسان فى الحقيقه لا يفكر . قلت أن هذا حق ينقصه علم .فنحن لا نتكلم عن مكانيكيه التفكير بل نتكلم عن ماهيته وسبيل عمله ومكانه بين قدرة البشر على الإختيار وقدرتهم على تحمل نتائج أفعالهم ، فما بين الليل والنهار لا يتوقف العقل عن التفكير.. ولكن أى تفكير ..هل بطريقه تدل على إنسانيتك وتميزك عن باقى مخلوقات الله أم بطريقه تصل بك فى النهايه لهوه الهلاك والدمار الأبدى ..ما نظنه بالتحدث عن التفكير هو إظهار الجانب الإيجابى فيه .. وبين السلب والإيجاب تدور الأفكار ويظهر ما نحتاجه من الحقائق .. فالحقائق أبدا لا تتبدل . ولكن ما نريده منها هو الذى يتأرجح بين اليمين واليسار ..
أمر غايه فى التعقيد .. قد يبدأ حديث النفس بلماذا جئنا للدنيا بلا رغبه منا أو إختيار ..لم يكن عندنا أى إختيار.. جئنا قى زمان وفى مكان وبين إشخاص لم نخترهم ، لى أب وأم واخوان وخالات وعمات وأصدقاء وأجداد لم أختار أى منهم .. جنسى ونوعى وأسمى ولون بشرتى .. صحتى أومرضى ..لم أختار أى منها ثم .. كتب على ماكتب منذ أن لفظنى رحم أمى.. أكل شرب نوم يقظه .. كل شىء ..ثم وجدتنى محكوم بشهوات تطلبنى فى كل ساعه ودقيقه ، لم أختار ان تكون لى شهوه ..ثم وجدت قوانين وشرائع تقيد حركتى ووجدت إناس مثلى يتحكمون فى حياتى كلها ويحكمون على بما يريدون ..ثم ماذا .. نحن فى الحقيقه عالقون .. أعتقد أن هناك من يفكر بتلك الطريقه وإن كان لم يصرح بها .. فهوقد يلعن الحياة كل يوم أو يتمنى غيرها .. ويلعن بلده أو يتمنى أن يكون ميلاده فى أمريكا أو أوربا ..يلعن أصدقاءه ومعارفه وأهله بظنه أنه خير منهم جميعا .. كثير منا له نفس النظره..
عند الحكم على هذا التفكير هل يمكن ان ننكر أن كل ما يدور فى النفس وما قاله العقل حقائق يعلمها القاصى والدانى ..حقائق مجرده لكن الفهم هنا هو مربط الفرس.. نمط التفكير هو الاساس وليس التفكير ذاته ...
وفى الناحية الاخرى هناك حديث للنفس مناقض تماما.. يبدأ بالحمد لله على نعمه الحياه.. فقد أعطانى الله بلا طلب منى اعطانى الكثير من النعم فقد أوجدنى من العدم من لا شىء وأعطانى من صفاته وجعلنى أسمع وأبصر أتكلم وأرى أشعر وأتذوق .. وملأ الدنيا من حولى بكل شىء فما أريده أستطيع تحقيقه بالسعى إليه وهذا ما يميزنى عن غيرى أن أكون مجتهدا .. ثم أختار لى جنس ولون ونوع .. سبحانه رب حكيم ، لن يسألنى عن جنسى ونوعى بل يسألنى عن دينى الذى ارتضاه لى  ..
ثم جعلى لى أب وأم يحنوان على .. ثم لم يتركنى بل بعث لى رسلا تدلنى عليه .. ثم صنع لى جنه لم يستطيع عقلى تخيل ما فيها لا يفصلنى عنها إلا بعض الليالى وبعض الأيام .. سبحانه من رب كريم إن حاولت إحصاء نعمه على لا أستطيع .. سأظل فى الدنيا أسعى لغايه ولأجل أراه قريبا ..
أن الحقائق لا تتبدل وما يتبدل هو ما نحتاجه منها .. قد تكون البدايات بسيطه جداُ ولكن نهايتها تكون كارثه  أو عظيمه .. قد تكون البدايه مجرد خاطر من النقمه يزج بصاحبه للإنتحار بعد عشرين عاما وقد تكون البدايه إعترافا باللسان فقط بالفضل يطفو بصاحبه مع رضا الله وجنه الخلد ..لذلك عندما قلت أننا عالقون فى الحياه لم أقصد الشق السلبى بل الإيجابى والشديد الخصوصيه..فمعنى ما قلت لا يخص أحد غيرى ولا يمكن تطابق ما أراه من الدنيا والحياه مع ما يراه غيرى لأن كل انسان له قصه مختلفه ووراء كل منا حكايه.. ربما لم تكتب نهايتها للآن ولكنها ستكتب يوما ما ..ومن هنا تأتى أهميه أن نعرف كيف نفكر لأننا ما زلنا نمتلك فرصه للتراجع والتقويم والتعديل ..فرصه للتصحيح..  والذى قد يراه بعضنا هما وغما قد يكون غير ذلك ..أمامنا فرصه ما زالت بأيدينا وبين أعيننا .. قد يمر الزمان وتنقضى الأعمار وتغفوا عينك بطرفه ثم تفتحها نادما ولسان حالك يقول ..
من يعطينى ولو مجرد فرصه
ليتنا نستمع للنصائح ..
ليتنا .. ليتنا .. ليتنا.

ليست هناك تعليقات: