زوجتي!!
يقول سبحانه وتعالى : ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ .
اغلب الناس مرضى بجمود الفكر ، وتقديس العادة ، والخوف من الخروج على هذه العادات او التجديد فيها .
فلا احد يقول عن زوجته انها من أعقل النساء وأفضلهن . إن العرب كانوا قديما يتحاشون التصريح بذكرالزوجة ، فيشيرون اليها بأنها الشاة أو النعجة استحياء وتعففا ، حتى منع الحياء جريراً من رثاء زوجه صراحة ، وزيارة قبرها جهارا . ومالك بن الريب لمّا عد من يبكى عليه من النساء قال :
فمنهن أمى وابنتاها وخالتى **** وباكية أخرى تهيج البواكيا
فلم يقل وامرأتى وكذلك العهد باجدادنا. لم يكن يقول واحد منهم زوجتى ، بل كان يقول : أهل البيت ، وأم الأولاد ، والجماعة ، والأسرة ، وأمثال هذه الكنايات . فهل نحن سننكر هذا كله ، وندع ما يعرف الناس ، وتتخذ اسلوبا جديدا ؟
نعم يستطيع كل منا ان يمدح زوجته فأين مكان العيب في ذلك ؟ ولماذا كتب الشعراء وتغنوا عن الحبيبة وهي علاقات محرمة ، ولا يكتبون عن الزوجه وهي حبيبته في الحلال الذى شرعه الله ؟ ولماذا لا يذكر كل منا مزايا زوجته وفضلها وعفتها ليرغب الناس في الزواج .
والعاشق يصف الباطل من محاسن العشيقة فيحبب المعصية إلى الناس؟ إن الناس يقرؤون كل يوم المقالات والفصول الطوال في مآسي الزواج وشروره ، فلم لا يقرؤون مقالة واحدة في نعمه وخيراته ؟
ولست هنا اقصد زوجة بعينها ولكنى كما كان فيكتور هوجو : إني عندما أصف عواطفي كأب ، فانني أصف عواطف جميع الآباء .
لم أسمع زوجاً يقول إنه مستريح وسعيد ، وإن كان في حقيقته سعيداً مستريحا ، لأن الإنسان خلق كفورا ، لا يدرك حقائق النعم إلا بعد زوالها ، ولأنه ركب من الطمع ، فلا يزال كلما أوتى نعمة يطمع في أكثر منها ، فلا يقنع بها ولا يعرف لذتها . لذلك يشكو الأزواج دائما من نسائهم ، ولا يشكر أحدهم زوجته إلا إذا ماتت ، وانقطع حبله منها وأمله فيها ، فى هذه الحالة يذكر حسناتها ، ويعرف فضائلها . أما أنا فاني أقول من الآن اقرارا بعمة الله وبفضله إني سعيد في زواجي وإني مستريح .
وقد أعانني على هذه السعادة أمور يقدر عليها كل راغب في الزواج ، طالب للسعادة فيه ، فلينتفع بتجاربي من لم يجرب ان اراد ، وليسمع وصف الطريق من سالكه.
أولها : أني لم أخطب من قوم لا أعرفهم ، ولم أتزوج من ناس لا صلة بيني وبينهم . . فينكشف لي بالمخالطة خلاف ما سمعت عنهم ، وأعرف من سوء دخيلتهم ما كان يستره حسن ظاهرهم ، وإنما تزوجت من أناس عرفتهم وعرفوني ، واطلعت على حياتهم في بيتهم واطلعوا على حياتي في بيتي . إذ رب رجل يشهد له الناس بأنه أفكه الناس ، وأنه زينة المجالس ونزهة المجامع ، وهو في بيته أثقل الثقلاء . ورب سمح مع الناس وهو في أهله سمج ، وكريم مع الناس وهو في أسرته بخيل ، يغتر الناس بحلاوة مظهره فيتجرعون مرارة مخبره .
والثاني : أني اخترتها من طبقة مثل طبقتى . ، وأسلوب معيشتنا قريب من أسلوب معيشتهم ،وهذا هو الركن الوثيق في صرح السعادة الزوجية ، ومن أجله شرط بعض الفقهاء الكفاءة بين الزوجين .
والثالث : أني انتقيتها متعلمة ، وتمتاز عن العاميات الجاهلات فالام مدرسة . ولست أنفر الرجال من غير المتعلمات ، ولكني أقرر أن التعليم يزيد من وعى المراة ، وهي مهما بلغت لا تأمل من حياتها أكثر من أن تكون زوجة سعيدة وأما.
والرابع : أني لم ابحث عن الجمال وأجعله هو الشرط الاساسي لعلمي أن الجمال زائل ، ولذلك نرى من الأزواج من يترك امرأته الحسناء ويلهث وراء من لسن على حظ من الجمال ، ومن هنا صحت في شريعة إبليس قاعدة الفرزدق حين قال لزوجه النوار في القصة المشهورة ما أطيبك حراما وأبغضك حلالا .
والخامس : أن علاقتى بأهل زجتى لم يتعدى إلى الآن العلاقة الرسمية المبنية على الود والاحترام المتبادل
والسادس : أني تركت ما لقيصر لقيصر ، فلم أدخل في شؤونها من ترتيب البيت وتربية الأولاد وتركت هي لي ما هو لي ، من الإشراف والتوجيه ، وكثيراً ما يكون سبب الخلاف ان تضع الزوجة نفسها مكان الزوج وتأخذها مكانه .
والتاسع : أني لا أكتمها أمراً ولا تكتمني امرا ، ولا أكذب عليها ولا تكذب علي ، وتعود أولادنا الصدق والصراحة ، واستنكار الكذب والاشمئزاز منه .
فهى تحب من أحب ، وتعادى من أعادى . تحب أهلي ، تنقل إلى كل خير عنهم . إن قصرت انا في بر أحد منهم ذكرتنى ، إنها النموذج الكامل للمرأة الشرقية المسلة .
وهذا النوع من النساء يزهد فيه بعض الشباب ، فيذهبون إلى أي دولة ليطلبوا بالعلم فلا يجيئون إلا بورقة في اليد وامرأة تحت الإبط ، إمرأة يحملونها يقطعون بها نصف محيط الأرض أو ثلثه أو ربعه ، ثم لا يكون لها من الجمال ولا من الشرف ولا من الإخلاص ما يجعلها تصلح خادمة للمرأة الشرقية المسلمة ، ولكنه فساد الأذواق ،وفقدان العقول . يحسب أحدهم أنه إن تزوج امرأة من أمريكا ، وأى امرأة ؟ عاملة في شباك السينما او فى بار او مقهى ، أو في مكتب الفندق ، فقد ملك ناطحات السحاب ، وصارت له القنبلة الذرية ، ونقش اسمه على تمثال الحرية .
إن نساءنا خير نساء الأرض ، وأوفاهن لزوجها ، وأحنهن على ولده ، وأشرفهن نفسا ، وأطهرهن ذيلا ، وأكثرهن طاعة وامتثالا وقبولا لكل نصح نافع وتوجيه سديد . وإني ذكرت بعضا من مزايا زوجتي لأضرب المثل السعادة التي يلقاها زوج المرأة العربية المسلمة ، لعل فحي على الزواج ايها الشباب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق