07‏/06‏/2010

عندما تنتكس الفطرة!!

عندما تنتكس الفطرة!!


شاهدت في التلفزيون لقطات لأحد المعتقلين العراقيين وقد ضربه حرس السجن ضربا مبرحا أفضي به للموت ثم ألتف الجند حول جثته في فرح غامر وهم يطلقون رصاصات النصر والابتهاج فمنهم من يصعد علي جثته ومنهم من يهرس رأسه بحذائه الغليظ  ومنهم من يركله في بطنه.
وبعد يومين شاهدت الشاب المصري المتهم بقتل بعض اللبنانيين وقد سحله الناس في الشارع ثم جردوه من ملابسه تماما وقاموا بصلبه علي شجرة ثم تعليقه من رقبته  وأفواج اللبنانيين تتدافع في مظاهرة تملأ الشوارع من رجال ونساء وأطفال وهم يلتقطون الصور لهذا الشاب الصريع بتلك الوحشية الدموية .. ويشاركون في التمثيل بجثته في سعادة وفرح سادى.
وليس يعنيني هنا كون الشاب المصري قاتل مذنب أم متهم بريء. فساحة القضاء النزيه وسلطة التحقيق العادل هما فقط المرجع في الحادث والمناط بها المسئولية ومن حقهما وحدهما إصدار الحكم أوتوقيع العقاب .
إن الذي شغلني هو هذا التواطؤ الجماعي علي الوحشية وهذا الإجماع علي القسوة، فلا يمتعض وجه أحد للتنكيل بالقتلى ولا يتأفف إنسان من التمثيل بالجثث أو تقطيع أوصال الموتى. بالرغم من وجود شهود من نالساء والأطفال للواقعة.
ماذا حدث لفطرة الإنسان في بلادنا العربية .. ونحن أتباع نبي الرحمة والذي كان يوصي أصحابه إذا ذبحوا فليحسنوا الذبح وكان صلي الله عليه وسلم ينهي عن شحذ السكين أمام الحيوان الأعجم قبل ذبحه ونهي عن التمثيل بجثث المشركين من قتلي بدر .
 إن هذه الدموية والسادية ( التلذذ بتعذيب الضحية ) ميراث حكم من القهر والتسلط والذي ينفس عن نفسه بهذا الشكل المرضي بدءا من المشادات والتصايح مرورا بالضرب والإيذاء وانتهاء بالقتل والتنكيل .
انها روح الغضب التي تسري في المجتمعات . وحدة الطباع في التعامل مع الآخرين . وجلافة العلاقات بين الأهل والجيران كلها نتاج ضغوط وقهر وإستعلاء من سلطان متكبر جبار وحكومات طاغية مستبدة  تبدأ من الرئيس الأبدي والقدري الجالس في مقعده (لآخر نفس) مرورا بنائب الشعب والذي يطالب بإعدام المتظاهرين بالرصاص ثم لا تنتهي عند أمين الشرطة والذي يفرض سطوته ويتكسب من سلطته بمطاردة بائع مسكين أو بغض الطرف عن مخالف للقوانين.
انظمة حكم بائسة فقيرة عاجزة عن خلق قضية يلتف حولها الناس ويجاهدوا في سبيلها فترك القوم  ساحة السياسة والمجتمع إلي ساحة الكرة واللهو ولا حول ولا قوة إلا بالله

من مقالة د. علاء الدين عباس

الكاتب:
لما وقع سهيل بن عمرو أسيرا في أيدي المسلمين في غزوة بدر وكان كافراً، فقال عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا رسول الله دعني أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو حتى لا يقوم عليك خطيبا بعد اليوم ) فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا أمثل بأحد، فيمثل الله بي، وإن كنت نبيا ) ثم أدنى عمر منه وقال :( يا عمر لعل سهيلا يقف غدا موقفا يسرك ) وجاء ذلك اليوم عندما أراد أهل مكة الردة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فقام سهيل بن عمرو خطيبا، فقال‏:‏ ( يا معشر قريش، لا تكونوا آخر من أسلم وأول من ارتد، والله إن هذا الدين ليمتدن امتداد الشمس والقمر من طلوعهما إلى غروبهما..) في كلام طويل، مثل كلام أبي بكر في ذكره وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وثبتت قريش على الإسلام‏.
لقد ماتت الفطرة في قلوب الناس، ففي كل يوم نستيقظ لنقرأ خبر مقتل الفطرة فهذا الذي  قتل أمه أو قتل خاله ، وآخر قتل أولاد أخته الصغار ذبحا بالسكين لخلاف مع أبوهم ، وثالث قتل زوجته ، والقتل يتم بكل دم بارد وبكل بساطة كل يوم ولست مبالغا لو قلت كل ساعة.
وإن اوردنا عد الحالات الأخرى التي لاترتبط بالقتل ، وإنما بانتهاك الأعراض ، والاعتداء على القصر والأطفال ، والسرقة والتشدق بدون أدنى مسؤولية أو علم لملأنا كتبا و مجلدات ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .
ان هذ الحال ينطبق على غالبية الشعوب  العربية لوجود سياسة القهر والتسلط والتى ساهمت فى هدم  الفطرة ، ولكن لابد من وجود اسباب أخرى أكثر تعقيدا ساهمت هي الآخرى في هدم هذه  الفطرة، كقتل الحياء بين الناس ونشر الرزيلة والفاحشة و...و...و...الخ من أمور كثيرة أخرى.
فأين المختصين في علم الاجتماع ودراسة الشعوب؟ كي يساهموا فى رسم صورة أوضح لكل الظروف التى ادت الى  قتل الفطرة في الإنسانية وكي  يقوم من بقي من عقلاء الامة بوقفة واضحة وصريحة لعلاج هذه الانتكاسة التى ولا شك ستودى بالمجتمع كله ان لم يوجد لها علاج.

ليست هناك تعليقات: