لاينقص الاسـلام غير المسلمين
مهما كان عند الانسان من عواطف واحاسيس فانها لاتغنيه عن كونه اصبح اليوم بلا ضمير و بلا قلب فقد اصبح الانسان بلا إحساس وبلاضمير وبلا أنسانية فلا أخوه و لا صداقة .
لقد اصبحنا فى زمن الكذب والخداع زمن يغدر فيه الصديق بصديقه زمن لم نعد نعرف فيه الصادق من الكاذب ، زمن كثر فيه الطعن والخيانه والخداع زمن انتهى فيه الحب والاخلاص زمن يسرق الفرحه زمن يبدل كل ابتسامه بوجه الصادقين والمخلصين الى حزن .
ساعـــات أحس أن الزمن قاسي ، ولا يمكن يلين
وساعــات أحس أن الفــرح محال ولا يمكن يحين
الناس كالقنافذ
لقد اصبح الناس فعلا كالقنافذ التى كانت تعاني البرد الشديد ، فاقتربت من بعضها وتلاصقت ، لكن أشواكها المتها ، فابتعدت عن بعضها فاحست بالبرد ، فاحتارت بين الالم فى التقارب ، والم البرد فى التباعد ، ولكنهم في النهاية وجدو ان الحل الأمثل هو التقارب المدروس ، بحيث يتحقق الدفء مع أقل قدر من الألم ، فاقتربت الاقتراب غير المؤلم وابتعدت لكنها لم تبتعد الابتعاد الذي يحطّم أمنها وراحتها ، وهذه قصة قديمة مشهورة .
ان القرب من الناس وتصديقهم والاطمئنان لهم اصبح نوعا من الغفلة ، فالسلوكيات الان اصبحت بعيدة عن القيم والمبادىء والتقاليد والاصالة وبعيدة كل البعد عن الاسلام .
ان الاختلاط غير المدروس بالناس ، يؤذى اكثر مما يفيد ، ويزيد من المشاحنات والمشكلات ، وهذا لا يمنعنا من اتخاذ اصدقاء مقربين ، ولكن لكى تعيش فى هناء وراحة بال يجب ان تجعل بينك وبين الناس مساحة ثابتة تتيح لك الامان من غدرهم اومن سوء تدبيرهم.
والإسلام اليوم اصبح محجوبا بأهله والمسلمون اليوم مثل دابة على رأس بئر عذب لا هي شربت ولا تركت الناس يستسقون ويشربون .
ولقد تذكرت مقولة الامام محمد عبده الشهيرة :
( رأيت الاسلام و لم أر المسلمين ، ورأيت المسلمين و لم أر الإسلام )
هذه الكلمة قالها الشيخ محمد عبده رحمه عندما سافر الى أوروبا ورأى حضارتها ورأى رقى العلاقات فى التعامل مع الغربيين وانحطاطها عند المسلمين ، حتى أنه رأى الإسلام في أوروبا عند غير المسلمين ، وافتقده في بلاد الإسلام عند المسلمين .
وهذه العبارة التى أصبحت من الشواهد عند الناس يستشهدون بها على محافظة الأوروبي على القوانين والآداب العامة والعهود ، وعلى سوء معاملة المسلمين اليوم ولقد قال الشاعر.
خلت المشاعر من حرارة شوقها *** يأساً كما خلت القلوب من الدم
الصــــــوم والصلوات ملء ديارنا *** والحــج للبيت العتيق وزمزم
كل الشـــــــــــعائر ماتزال كعهدها *** لاينقص الاسـلام غير المسلم
إن حياتنا اليوم اصبحت حربا لا تنتصر فيها الأخـــلاق ولا القيم ، وانظر الى المسلمين اليوم فى جميع البقاع ، ونحن على مشارف شهر كريم ، يدخله المسلم كى يخرج منه مغفورا له ، فكم من تاجر رفع اسعار سلعته بحجة ان رمضان موسم للربح المادى ، وكم من بائع للمفرقعات يتاجر فى رمضان براحة الناس ، وكم من حافظ للقران يتفق على ان يصلى بالناس فى رمضان مقابل مبالغ مالية مع انه امام المسجد ، وكم من مكبرات صوت تزعج الناس فى رمضان ، وكم من جائر على جاره فى رمضان وكم.......وكم ........الخ كل هذا يذكرنى بماقاله حافظ ابراهيم فى نعى اللغة العربية نفسها :
رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي *** وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي
فهل اصبح الاسلام اليوم بلا مسلمين ، ام اصبح الناس بلا اخلاق ، وبلا قيم ، بلا إحساس وبلاضمير وبلا أنسانية . لقد قالوا فى الاخلاق :
إنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت *** فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وقال اخر
إنما الأخلاق في الأقـــــــــــوام مقياس الكفاءة
وليس لعامر بنيان قوم إذا أخلاقهم كانت خرابا
وللأخلاق في الاسلام مكانتها الخاصة ومنزلتها الرفيعة ، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )
ونقرأ قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ العنكبوت الآية 45
ولقد عبر ابن القيم بقوله: ( الدين الخلُق ، فمن زاد عنك في الخلق زاد عنك في الدين ، ومن نقص عنك في الخلق نقص عنك في الدين ).
ولقد قال الله تعالى فى فى اخر سورة الكهف : ( قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا ً , الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا )
ونحن مقبلون على رمضان الذى اشتهر بان أوله رحمه و وسطه مغفرة و آخره عتق من النار فماذا نحن فاعلون؟هل نكون من الاخسرين اعمالا ، ام نخرج من هذا الشهر الكريم مغفورا لنا .
ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه )
فمن لم يترك قول الكذب والعمل به فلا فائدة من صيامه. فعلى المسلم فى هذا الشهر أن يلتزم بالأخلاق الطيبة والسلوك القويم في رمضان. ومن المهم أن نتذكر أنه على المسلم أن يتصف بالأخلاق الحميدة دائمًا وأن يستغل شهر رمضان لتدريب نفسه على هذه الأخلاق ليحيا بها في سـائر الشهور ان كان يريد حقا ان يكون مسلما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق