23‏/01‏/2013

فرسان مصر على مر العصور



محمود هيبه 
حماة العقيدة وفى رباط الى يوم القيامه
رســـمنا علي القلب وجه الوطن ***
نخيلا ونيلا وشــــــــعبا أصـــيلا وصناك يا مصـــــر طول الزمن ***
ليبـــــــــقي شـــــبابك جيلا فجيلا علي كل ارض تــــــركنا علامة ***
قلاعا مـــــن النور تحـمي الكرامة عـــروبتنا تفتــــديك القلـــــــوب ***
ويحميك بالـــــــــدم جيش الكنانة وتنساب يا نيل حــــــــــــرا طليقا ***
لتحكي ضفافك مــــــعني النضال وتبقي مـــدي الدهر حصنا عريقا ***
بصــــدق القلوب وعزم الرجال رسمنا علي القلب وجـــه الوطن ***
نخيــــلا ونيلا وشـــــــعبا أصيلا وصناك يا مصـــــر طــــول الزمن ***
ليبقي شــــــــــبابك جيلا فجيلا يد الله يا مصـــــــر ترعي سماك ***
وفي ســــــــاحة الحق يعلو نداك ومــــادام جيشك يحمي حمـــاك ***
ستمضي الي النصر دومــا خطاك ســــــــــــلام عليك إذا ما دعانا ***
رســــــــــول الجهاد ليوم الفــداء وســــــالت مع النيل يوما دمانا ***
لنبني لمصـــــــر العـــلا والرخاء رسمنا علي القلب وجــه الوطن ***
نخيلا ونيلا وشعــــــــــــبا أصيلا وصناك يا مصــــــر طول الزمن
الجيش المصري
الجيش المصري أول جيش في التاريخ
الجيش المصري في معظم فترات التاريخ هو اقوى و اعرق جيش في جنوب البحر المتوسط. من بدايات الحضارة المصرية و الجيش المصري يلعب دورا كبيرا في الدفاع عن الحضارة المصرية ضد الغزاة. على مر العصور قدم الفكر العسكري المصري أرقى مفاهيم و تقاليد الجندية و خاض الجيش المصري معارك كبيرة ضد جيوش ضخمه هاجمت مصر أو جهزت لمهاجمتها. ومن المعارك الكبيرة الخالدة التي خاضها الجيش المصري كانت معركة قاد ش في عهد الملك رمسيس التانى ضد الحيثيين و معركة مجيدو في عهد تحتموس الثالث ، و في العصور الوسطى معارك حطين و عين جالوت و المنصورة و فتح عكا و مرج الصفر و غيرها ضد المغول و الصليبيين التي كانت معارك ضخمه بين أقوى جيوش العالم في زمانها ، و التي نتائجها كانت تاريخية و غيرت مجرى التاريخ. في العصر البطلمى وكان الجيش المصري أقوى جيش في العالم في هذا الوقت ، و الأسطول البحري المصري كان سيد البحر المتوسط من غير منازع . وحتى اليوم يعتبر الجيش المصري من اقوى الجيوش عددا و عدة.
تميزت مصر عبر العصور بتفوقها الثقافي و الحضاري عن المنطقة التي تحيط بها كما تميزت بتفوقها في عدد السكان. فمصر طوال تاريخها تعداد سكانها كبير و أعلى من المناطق التي تحيط بها. وهذا قد أعطاها قدره على تكوين جيوش ضخمه ، و حتى في حالات الانتكاسات العسكرية كانت مصر تتجاوز الأزمة و تكون في وقت قصير جيشا كبيرا قادرا على خوض حرب جديدة.
مصر القديمة
الملك مينا وحد مصر و ظهر أول جيش في التاريخ
من بدايات العصر الفرعوني حرص ملوك مصر على تسجيل المعارك التي خاضوها في سبيل الدفاع عن مصر ، و نقشوا صوروا على معابدهم و مسلاتهم تبين  معاركهم و انتصاراتهم. وأقدم نقش عسكري عثر عليه هو نقش لوحة توحيد مصر في عهد الملك مينا مؤسس الأسرة الأولى ( معروفه بـاسم لوحة نارمر ). مصر كانت أول دوله في تاريخ البشرية تتوحد بالشكل السياسي والحضاري وهذا تم في عهد الملك مينا ، و لعب الجيش المصري يومها دورا محوريا في تحقيق الوحدة المصرية التي أدت لظهور الدولة المركزية المصرية.
وبداية تكوين الجيش المصري كجيش وطني كانت مواكبه لوحدة مصر السياسية. وتكوين الجيش المصري سنة 3200 قبل الميلاد كان إعلانا لتكوين أول جيش وطني لدولة في التاريخ
وفى الفترة ما بين 3200 و 2690 قبل الميلاد كان الجنود المصرين يجندون في الأقاليم التي كانت مصر مقسمه إليها  و كان كل حاكم لإقليم يقود جنوده في المعارك الحربية ضد هجمات البدو من الشرق و الغرب.
وكان استقرار مصر و تقدمها الحضاري مصدر حقد من المحيطين بها وكانوا يطمعون في خيراتها و ثرواتها و هذا ما واجهته  مصر عبر القرون.
ففي الدولة القديمة مابين 2690 و 2180 قبل الميلاد كان الجيش المصري يتكون من عدة فيالق يقود كل فيلق منها أمير العسكر.
والملك زوسر أول ملوك الاسره الثالثة قسم حدود مصر لمناطق و سماها أبواب المملكة و وضع فى كل منطقه منها موظف يسمى " سشمتا ". وكل منطقه كان فيها حصن على شكل مستطيل يحميها ، و فوق هذا كون الملك زوسر جيشا ثابتا محترفا تحت قيادته و قسمه على فيالق ، كل فيلق على رأسه أمير مصري لقبه " أمرا سشع ". وهذه الفيالق كانت مقسمه إلى فرق ، كل فرقه كان يقودها قائد فرقه لقبه " عبرو " و كل فرقه كانت مقسمه إلى سرايا ، كل سريه تتكون من 200 جندي  يقودهم شايل العلم.
ومصر كونت أسطولا ضخما من بدايات العصر الفرعوني ، والأسطول المصري في الدولة القديمة كان يشرف عليه رئيس لقبه " مدب دبت " يعنى " باني السفن ". في هذا الوقت المبكر كانت هناك سفن حربية في مصر يصل طولها لخمسين متر و كانت السفن الضخمة تتسمى " دبت عات " يعنى السفينة العظيمة ، و قادتها كانوا يسمون رؤساء بحارة السفن العظيمة. وأيام الملك زوسر كان عدد السفن التي تقوم بإحضار خشب الأرز حوالي 40 سفينة في كل رحله.
رمسيس الثاني يقود الجيش المصري في معركة قاد ش
في وقت الاسره الفرعونية الثانية عشر بدأت قبائل من البدو تتسلل عبر سينا و تستقر في الدلتا و هذه كانت بداية الغزو الهكسوسى الذي  حدث في مصر. بعد ما كثرت أعدادهم احتل الهكسوس مدينة اواريس في الدلتا حوالي سنة 1720 قبل الميلاد و عبدوا الإله ست ، و حوالي سنة 1674 وقعت ممفيس في أيديهم ، و كان على  طيبه في جنوب مصر مهمة طردهم من مصر. و أعلن كاموس أخر ملوك الأسرة السابعة عشر بداية حرب طرد الهكسوس من مصر ، و هاجم الجيش المصري اواريس و معاقل الهكسوس في الدلتا و بعد ما استشهد كاموس الذي اضعف الهكسوس بضرباته ، قاد أخوه أحمس أول ملوك الاسره الثامنة عشر جيش مصر و طرد الهكسوس من مصر ، و طاردهم الجيش المصري في سينا حتى  اختفوا ليس من مصر فقط  و حدودها و لكن من التاريخ كله. وبعد طرد الهكسوس حقق الجيش المصري انتصارات كثيرة في الجنوب و في أسيا في عهود امينحتب الأول ابن أحمس و تحتمس الأول والذي في عهده وصل الجيش المصري حتى نهر الفرات ، و تحتمس التانى الذي طارد البدو قطاع  الطرق و كانوا يهددون  تجارة مصر البرية. في عهد تحتمس الثالث وخرج الجيش المصري لآسيا و دمر تحالفا فلسطينيا- سوريا ضخما كان ينوى مهاجمة مصر ، وكانت معركة كبيرة من أهم معارك التاريخ عرفت باسم معركة مجيدو كانت من نتائجها المهمة تكوين إمبراطورية مصريه في أسيا. في عهد تحتمس الثالث ، و وسع الجيش المصري حدود مصر الجنوبية حتى  الشلال الرابع. من المعارك التاريخية الكبيرة التي خاضها الجيش المصري كانت معركة قاد ش ضد الحيثيين و انتهت بتوقيع معاهدة سلام بين الطرفين و قيام تحالف بينهم و انتهى تهديد الحيثيين لمصر، نصوص هذه  المعاهدة مازالت موجودة في المتحف المصري  .
وفي عهد الملك ميرينبتاح ابن رمسيس قام تحالف بين الليبيين و شعوب البحر الذين نقلوا جيشهم من أسيا الصغرى لليبيا عن طريق البحر و هجموا على غرب الدلتا ، فقابلهم الجيش المصري و قضى عليهم.
وحتى عهد الملك حور محب آخر ملوك الاسره الثامنة عشر كان الجيش المصري يتكون من من فيلقين ، و في عهد الملك سيتي الأول أصبح ثلاث فيالق ، و في عهد رمسيس الثاني أصبح الجيش المصري يتكون من أربع فيالق ، منها فيلق آمون و فيلق رع و فيلق ست ، وكل فيلق كان يتكون من 5000 محارب تتكون منهم عشرين كتيبه ، في كل كتيبه 250 محارب مقسمين إلى سرايا ، في كل سريه خمسين محارب. كل كتيبه و كل سريه كان لها علمها الخاص بها.
العصر البطلمى
في العصر البطلمى الذي سادت مصر فيه الدنيا بالحضارة و الرقى الثقافي ، خاض الجيش المصري حروبا كثيرة في أسيا و وسع حدود مصر و بحلول عهد بطليموس الثالث أصبح الجيش المصري أقوى جيش في العالم بأسطول بحري ضخم كان مصدر رعب لكل أعداء مصر.
و في عهد بطليموس الرابع ملك الأسطول المصري سفنا عسكرية ضخمة و عريضة ليس لها مثيل في العالم ، كان من ضمنها سفينة تحمل ألف جندي و كانت من الممكن أن تحمل على ظهرها ما يقرب من 3000 محارب و كان لها عشر مناقير في المقدمة لو ضربت في مركب تغرقها. و كان من ضمن الأسطول مركب معروفه باسم " سفينة الاسكندرية " ، من تصميم العالم أرشميدس عليها آلات فلكيه ليست للملاحة ولكن للدراسات الفلكية ، و كان لها ثمانية  أبراج من الممكن أن تضرب مراكب العدو و تغرقها ببساطه. و لما استولى انطيوخوس الثالث على سلوقيا عاصمة سوريا ، التي كانت من توابع مصر ، خرج الجيش المصري بقيادة بطليموس الرابع سنة 217 ق.م و معه أسطول مصر و فرسانها و أباد جيش انطيوخوس في معركة رفح عن أخره.
العصور الوسطى
هزيمة الحملة الصليبية السابعة في مصر
في العصور الوسطى واجهت مصر مؤامرات و تحالفات مسلحة خطيرة. لكن اخطر ما واجهته مصر في هذه الفترة كان الخطر الصليبي و الخطر المغولي اللذان واجهم الجيش المصري تقريباً في وقت واحد. فالصليبيين كانت قواتهم تتكون من جيوش من كل أوروبا تقريباً ، و المغول المتحالفين مع ملوك و مناطق أخرى  ، كانوا اكبر قوتين في العالم في هذا الوقت . ومصر في هذه الفترة مثلما يقول المؤرخ ارنولد توينبى كانت حصن جنوب البحر المتوسط و ترسانته العسكرية
فالجيش المصري كان العمود الفقري لجيش صلاح الدين الأيوبي و مصدر قوته. وبدون الجيش المصري و الأسطول المصري لم يكن  صلاح الدين يستطيع أن يحقق انتصارا في معركة حطين ضد الصليبيين. الذين  فهموا هذه  النقطة فحولوا مسرح عملياتهم العسكرية من الشام إلى مصر ، أيقنوا أنه طالما مصر هي الحصن الذي  يخرج منه السلاح و العتاد و الجيوش فليس من الممكن أن يستولوا و يستقروا في الاراضى المقدسة دون أن يسيطروا عليها أو على الأقل يحيدوها. ومن هذا المنطلق هاجمت الحملة الصليبية الخامسة مصر (1218 - 1221 ) و انتهت بهزيمة الصليبيين.
وفي سنة 1244 تعرضت مصر لحلف غريب يتكون من جيش صليبي متحالف مع أمراء الشام و الكرك و عربان الجيش الصليبي الشامي وهذا كان اكبر جيش جهزه الصليبيين من بعد معركة حطين. و وخرج الجيش المصري و سحق جيش المتحالفين قرب غزه في معركة كبيرة عرفت باسم معركة الحربية أو معركة لافوربى . بعدها بست سنوات هاجم الصليبيين مصر بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا و نزلوا في دمياط و حاولوا يتقدموا للقاهرة عن طريق المنصورة و لكن هناك طلعت عليهم قوات فارس الدين أقطاى الجمدار القائد العام للجيوش المصرية و دمرت القوات المهاجمة و أجبرتها على التراجع. و بقى الجيش الصليبي محاصرا إلى أن  قرر لويس الهروب من دمياط فاتبعه الجيش المصري الذي كان منضم إليه ألاف المصريين من كل نواحي مصر و قضوا عليه في فارسكور وتم اسر لويس التاسع و قواده ولم يخرج من مصر إلا بعد ما دفع نصف الدية  التي قررت عليه. معارك المنصورة و فارسكور هذه كانت معارك كبيرة و كانت لها نتائج تاريخية كبيرة.
وبعد معركة المنصورة بعشر سنين خاض الجيش المصري معركة حياه أو موت ضد المغول في عين جالوت. ومستقبل مصر و مستقبل كل منطقة الشرق الأوسط بدياناته و عقائده و ثقافاته توقفت على نتاج هذه المعركة. ولو هزم الجيش المصري في هذه المعركة كان معناه تحويل منطقة الشرق الأوسط لولاية مغولية بكل التبعات الدينية.
فبعد ما دخل (هولاكو ايلخان المغول) العراق و سوريا بعث للمصريين رسالة من ضمنها : " ألا قل لمصر ها هلاون ( هولاكو ) قد أتى .. بحد سيوف تنتضى و بواتر. يصير أعز القوم منا أذلة..ويلحق أطفالاً لهم بالأكابر "  .فخرج له الجيش المصري و معه ألاف المتطوعين المصريين منهم بعض الذين شاركوا في معركة المنصورة و منهم أولاد الذين شاركوا في معركة المنصورة. و هجمت طلائع الجيش المصري بقيادة الأمير ركن الدين بيبرس البند قدارى على جيش المغول و انضمت بقية الجيش بقيادة سلطان مصر سيف الدين قطز و معه فرسان من أحسن فرسان العالم و حاصروا جيش المغول و قتل قائده كيتو بوقا ( كتبغا ) و هزم جيش المغول هزيمة منكره . وصف مؤرخ المغول رشيد الدين الهمذاني تطورات المعركة و استماتة جند مصر في معركة عين جالوت بقوله : " فقذف المغول سهامهم و حملوا على المصريين ، فتراجع قطز و لحقت بجنوده الهزيمة و هنا تشجع المغول و تعقبوه، و قتلوا كثيراً من المصريين، و لكن عندما بلغوا الكمين، انشق عليهم من ثلاث جهات، وأغار المصريون على جنود المغول و قاتلوهم قتالاً مستميتاً من الفجر حتى منتصف النهار، ثم تعذرت المقاومة على جيش المغول ، و لحقت به الهزيمة آخر الأمر ".
ومن المعارك الكبيرة التي خاضها الجيش المصري في العصور الوسطى معركة الأبلستين ( 1277 ) ، و معركة مرج الصفر. في معركة الأبلستين في أسيا الصغرى استطاع الجيش المصري تحت قيادة الظاهر بيبرس من هزيمة جيش المغول و سلاجقة الروم هزيمة ساحقه و دخل الجيش المصري قيسا ريه عاصمة السلاجقه و دخل بيبرس قصورهم و جلس على عرش مملكتهم. ومعركة مرج الصفر ( 1303 ) التي حدثت في عهد الناصر محمد بن قلاوون كانت من المعارك التاريخية الكبيرة. فقبل المعركة ، في سنة 1299 ، كان الجيش المصري قد تلقى هزيمة فادحه على أيد جيش مغولي يقوده (غازان إلخان مغول فارس) في معركة عرفت باسم معركة وادي الخز ندار ، لكن مصر استطاعت أن تتجاوز الازمه بسرعة و جهزت جيشا كبيرا قابل المغول في الشام سنة 1303 و هزمهم هزيمة ساحقه ردت كرامة العسكرية المصرية و أوقفت زحف المغول. انتهت المعركة بمحاصرة الجيش المغولي الذي كان يقوده قتلغ شاه نويان (قطلوشاه). ويصف مؤرخ المغول رشيد الدين الهمذاني مرحله من مراحل انتصار الجيش المصري في هذه المعركة بقوله : " بقيت الميمنة منعزلة وحيدة ، فهزمتها ميسرة المصريين و تقهقر الجنود ". و يصف نهاية المعركة بمحاصرة الجيش المغولي بقوله : " اشتد الظمأ بالناس و الدواب، و قد طوق المصريون تلك الربوة ".
وفي سنة 1365 شن بيير دو لوزينان ملك قبرص هجوما مفاجئا على الاسكندرية و بعد ما دمرها و خربها هرب بقواته إلى قبرص قبل أن يصل الجيش المصري. ورد الأسطول المصري على غزوة الاسكندريه بمهاجمة قبرص ، و بعد ستين سنه مابين 1424 و 1426 في عهد السلطان برسباى رد الأسطول المصري زيارة بيير دو لوزينان بهجمات عنيفة على قبرص ، و دمر مدنها واحده تلو الأخرى و رفع أعلام مصر عليها ، و رجعت القوات المصرية و معها ملك قبرص چانوس لوزينان مقيدا في السلاسل.
أما اكبر محنه تعرضت اليها مصر في العصور الوسطى كان دخول الغزاة العثمانيين مصر سنة 1517. الفترة العثمانية كانت من أحلك الفترات في تاريخ مصر. تحولت مصر لولاية عثمانية بعد ما كانت دوله مستقلة قويه و متطورة و متقدمه حضارياً و ثقافياً. خرب العثمانيون الثقافة المصرية و اخذوا العلماء و الفنانين المصريين على الاستانه من أجل أن يستفيدوا منهم و نهبوا مخطوطات و كتب المصريين ، فانهارت الثقافة في مصر و دخلت مصر عصر خامد و ولم يبق لها جيش مستقل يستطيع أن  يدافع عنها .
وكان سقوط مصر في أيد الأتراك العثمانيين و دخولها في عصر مظلم قاتم السواد عبر عنه المؤرخ ابن إياس بقوله:
نوحوا على مصر لأمر قد جرى .:. من حادث عمت مصيبته الورى
زالت محاسن مصر من أشياء قد .:. كانت بها تزهو على كل القرى
بقيت مصر على هذا الحال حتى قامت من سباتها على أصوات مدافع نابليون بونابرت عند سفح الاهرامات سنة 1798. وقابلهم بعض المماليك  الذين كانوا في خدمة العثمانيين في هذا الوقت. ولما دخل الجيش الفرنسي مصر في 1798 الدولة المصرية المستقلة التي هزت الدنيا و هزمت اكبر الجيوش.
وعبر التاريخ ،كان سقوط مصر في أيد غازي أو خسارة الجيش المصري كان معناه سقوط كل بلاد منطقة جنوب البحر المتوسط في أيد الذين  نجحوا في غزو مصر أو هزموا الجيش المصري لان تغلب اى دولة  على مصر معناه خضوع كل المنطقة لها مباشرة. فعندما استولى  العثمانيون على مصر و انتهت الدولة المملوكية المصرية استولوا بسهوله على كل المنطقة و حولوها كلها لولايات عثمانية تابعه للباب العالي في الاستانه. نفس الموضوع حدث عند ما استولى الرومان على مصر و انتهت الدولة البطلميه المصرية أصبحت كل منطقة جنوب البحر المتوسط تابعه لروما.
العصر الحديث
عندما تولى محمد على باشا حكم مصر سنة 1805 كانت مصر ولاية عثمانية و لم يكن فيها جيش حقيقي. وتكوين الجيش المصري كان من اكبر اهتمامات محمد على. ففي سنة 1821 انشأ محمد على " ديوان الجهاديه " ، و في سنة 1823 أمر بتدريب 6 آليات من المصريين و كان الألاى يتكون من خمس أورطات ، كل أورطه كان فيها 800 جندي. انتهى تدريب الجيش المصري في سبتمبر 1824 و الذين قاموا بتدريبهم كانوا ضباط فرنسيين دربوهم على النظم الحديثة تحت إشراف الكولونيل سيف الذي عرف باسم " سليمان الفرنساوى ". سليمان الفرنساى هو الذي أسس أول مدرسه حربيه في مصر في العصر الحديث و يرجع له الفضل في تأسيس الجيش المصري الحديث. بعد ما انتهى التدريب توزعت آلايات الجنود المصريين ، وأرسل آلاى إلى السودان و آلاى إلى الحجاز و باقي الآليات أرسلوا إلى لبنان. في سنة 1826 وقام الجيش المصري بأول استعراض عسكري في العصر الحديث و شارك في الاستعراض حوالي 14 ألف جندي. وهذا العرض تم إجراؤه في معسكر " جهاد أباد " ( مكانه الآن في منطقه بين الخانكه و أبو زعبل ).
أثبت الجيش المصري الحديث قوته. وكان الأسطول المصري في عهد محمد على ثالث أقوى أسطول حربي في العالم بعد أساطيل انجلترا و فرنسا. و استعان العثمانيون بالجيش المصري من أجل إخماد ثورة الثوار اليونانيين و نجح الأسطول المصري بقيادة إبراهيم باشا في ذلك. ولعشرات السنين صال وجال الجيش المصري في نجد و الجزيرة العربية و الشام و الأناضول و اليونان و جزر البحر المتوسط و السودان وبقى يتنقل من نصر لنصر تحت قيادة قائد فذ هو إبراهيم باشا ابن محمد على. وفى أواخر شهر مايو سنة 1832 فتح الجيش المصري عكا. وهذه كانت ثاني مره في التاريخ يفتح الجيش المصري عكا والتي فتحها قبل ذلك في عهد السلطان الأشرف خليل سنة 1291 و طرد الصليبيين منها. في 24 يونيه 1839 انتصر الجيش المصري نصرا كبيرا في معركة نصيبين في جنوب تركيا و فتح الطريق أمام الجيش المصري حتى كاد أن يستولى ع الاستانه عاصمة الدولة العثمانية نفسها ولم ينقذها غير تدخل كل أوروبا قبل وقوعها في أيد الجيش المصري.
عندما تولى إبراهيم باشا حكم مصر بقى ابن عمه عباس حلمي هو قائد الجيش المصري بعد ما شارك في المعارك التي قادها إبراهيم باشا. عباس حلمي قام بإهداء الدولة العثمانية اكتر من 100 ألف قطعة  سلاح و هذا يبين مدى حجم إنتاج السلاح المتقدم في مصر في هذه  الفترة. و في عهد سعيد باشا اشتركت كتيبه من الجيش المصري مع قوات نابليون الثالث في حرب المكسيك. عن مشاركة الكتيبة المصرية قال نابوليون الثالث : " لم أنل  أي نصر قبل وصول الكتيبة المصرية و لم اخسر مره واحدة بعد ما وصلت ".
وفى عهد إسماعيل باشا وصل تعداد الجيش المصري لـ 100 ألف مقاتل مسلحين بأحدث الاسلحه في العالم وقتها.
وفى عهد الخديوي محمد توفيق حلت بمصر و الجيش المصري كارثة جديدة عندما سمح الخديوي بتدخل انجلترا و فرنسا في شئون مصر بحجة الديون ، و الزموه بتقليص عدد القوات المصرية لـ 22200 جندي ، و بعد ذلك أصدر أمرا بحل الجيش المصري بعد ما تمرد الجيش عليه و الذي عرف باسم " الثورة العرابيه " و الذي انتهى باحتلال الإنجليز لمصر ، و تحول الجيش المصري لخيال ضل كل مهمته حماية الحدود و الحاميات في السودان. و بقى الوضع على هذا الحال حتى توقيع معاهدة 1936 في عهد الملك فاروق الأول ، و بدأت الأحوال تتغير فافتتحت كلية أركان الحرب ، و مدرسة الضباط العظام ، و الكلية الحربية ، و مدرسة الطيران الحربي ، و كلية الضباط الاحتياط ، و تعدلت قوانين التجنيد.
وقد خلدت مصر ذكرى اقتحام الجيش المصري البطل  لخط برليف سنة 1973
في هذه الظروف ، دخل الجيش المصري حرب 1948 و هو غير قوى فهزم ، و بطبيعة الحال هزمت معه كل جيوش المنطقة ، لكن رغم كل الظروف و رغم أن مصر نفسها كان محتلة من قبل الإنجليز الذين يؤيدون ويدعمون إسرائيل استطاعت مصر أن توقف التوسع الاسرائيلى في كل فلسطين. و بعد ما قامت ثورة 23 يوليه سنة 1952 بدأ الاهتمام ببناء جيش قوى و بالتصنيع الحربي ، ولكن النظام السياسي بحسابات غير مدروسة ورط الجيش المصري في حرب داخليه في اليمن استنزف فيها قدراته و قدرات جنوده ، ، وورط النظام السياسي أيضا  الجيش مره ثانية و معه مصر كلها في هزيمة 1967 والتي انتهت باحتلال سيناء.
لكن كعادة مصر عبر التاريخ استطاعت أن تبنى جيشا جديدا قويا في فتره قصيرة جداً ، و دخل الجيش المصري في حرب استنزاف شرسة على خط قناة السويس ضد الجيش الاسرائيلى
و في 6 أكتوبر 1973 استطاع  الجيش المصري في أصعب الظروف أن يعبر قناة السويس و يخترق خط برليف ، و يخوض معارك ضخمة مثل  معركة المنصورة الجوية التي  تفوقت فيها القوات الجوية المصرية ، و انتهت الحرب بعمليه سياسية دوليه وصلت لعقد اتفاق سلام بين مصر و إسرائيل جنبت الطرفين نزيف الدم و ألاف الضحايا.
الجيش المصري الآن يمتلك الآن أحدث الطائرات
الجيش المصري الآن من أقوى الجيوش و يحتل المركز الحادي عشر على مستوى العالم ، بقوات نظاميه يصل عددها حوالي نصف مليون  جندي ، و مسلح بأحدث الأسلحة ، ومصر بعدد سكانها الكبير في امكانها تعبئة جيش ضخم جداً في حالة الحرب ، و يعتبر الجيش المصري أقوى الجيوش في منطقة جنوب البحر المتوسط مثلما كان في معظم فترات تاريخ مصر الطويل المتواصل.
————
المراجع:
*http://ar.wikipedia.org/wiki  الجيش المصرى
* محمد بن أحمد بن إياس الحنفى: بدائع الزهور في وقائع الدهور ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1982
* بسام العسلي: الظاهر بيبرس ونهاية الحروب الصليبية القديمة، دار النفائس، بيروت 1981.
* حسن الرزاز ، عواصم مصر ، دار الشعب، القاهرة 1995
* المقريزى : السلوك لمعرفة دول الملوك ( 8 أجزاء)، دار الكتب, القاهرة 1996.
* رشيد الدين فضل الله الهمذانى  : جامع التواريخ، الإيلخانيون، تاريخ هولاكو ، دار إحياء الكتب العربية
* رشيد الدين فضل الله الهمذانى  : جامع التواريخ، تاريخ غازان خان، الدار الثقافية للنشر، القاهرة 2000
* رشيد الدين فضل الله الهمذانى  : جامع التواريخ، الإيلخانيون، تاريخ أبناء هولاكو من آباقاخان إلى كيخاتوخان ، دار إحياء الكتب العربية
* الموسوعة الثقافية ، مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر، القاهرة - نيويورك 1972
* [[Toynbee, Arnold J. , Mankind and Mother Earth, Oxford University Press, 1976 ارنولد توينبى
* Sharpe, Samuel, The History of Egypt Under the Ptolemies, Edward Moxon, London 1838, Kessinger Publishing’s Reprints, USA 2007, ISBN 143254859X
* The New Encyclop?dia Britannica, Macrop?dia, H.H. Berton Publisher,1973-197
أعلى النموذج

ليست هناك تعليقات: