حياتنا الدنيا
حياتنا الدنيا هي عمر الإنسان فوق الأرض في هذه
المدة التي يمكثُ فوقها, وهو أقصر الأعمار ، لكنه أخطر الأعمار، لأنه عمر التكليف.
هي حياة النفس داخل الجسد لمدة محدودة قد لا تتجاوز في أغلب الاحيان الستين أوالسبعين
. وتعتبر من أخطر المراحل التي نمرُّ بها ، لأنها المرحلة الوحيدة التي تتاح لنا
الفرصة فيها لنجمع الحسنات من أعمالنا الصالحة
، وتنتهي هذه المرحلة بمجرد إنتهاء عُمر الجسد الذي ترتديه النفس .
الحياة الدنيا التي نحياها الآن في غاية الأهمية
لأنها الحياة الوحيدة التي يُمكننا أن نعمل الخير فيها فنجني ثمارها فيما بعد في الحياة الآخرة ، فما لم يعمله الإنسان
في دنياه لا يُمكنه عمله في آخرته.
وقد نشعر في احيان كثيرة بقسوة الحياة الدنيا
وأحياناً كثيرة نذمها ولكن الحقيقة أن لا نجاة لنا في الآخرة إلا بالحياة الدنيا .
لا نجاة إلا بعمل صالح يقوم به الإنسان في الحياة الدنيا .
فأهل الجنة يُقال لهم يوم القيامة : ( كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية ) الحاقة
24 ، وتلك الأيام الخالية إنما هي أيام الحياة الدنيا ولياليها .
فكل
انسان عندما وُلد حُكم عليه بالموت ، فكل مولود ميت ، ولا يُمكن أن يُولد مولود إلا
وقد الله له قدّره ووقت موته ، يُكتب معه عند نفخ الروح فيه وهو جنين في بطن أمه .
نحن كل يوم نودّع بعضنا إلى الدار الآخرة ولا
رجعة ولا لقاء إلا عند الحشر، ونشاهد الموت ، وفيه من هو كبير ، ومن هو صغير ، ومن هو في سننا .. ومن هو أقوى، ومن هو أغنى ، ومن
هو أكثر سلطاناً وجاهاً..
نراهم جميعاً يتجهون إلى الدار الآخرة يستوون
جميعا إذا دُفنوا . وانقطعت أخبارهم .
فإذا وقفت على مقبرة فيها الملك وفيها المملوك
.. وفيها الغني والفقير .. وفيها الجميل والذميم .. وفيها الطويل والقصير .. وفيها
الأبيض والأسود .. لا تميّز بينهم بشيء . فالذي تراه هو القبور، وما فيها الله أعلم
به ، فالقبر إما روضة من رياض الجنة ، وإما حفرة من حفر النار . والقبر الواحد قد يجتمع
فيه من هو في غاية النعيم، ومن هو في غاية العذاب ، فتختلط عظامهما وذراتهما فمن
هو في العذاب لا يشعر بشيء من النعيم ، ومن هو في النعيم لا يشعر بشيء من العذاب ، كل لا يصل إليه إلا ما كتب له .
لهذا لا بد من استغلال هذا العمر الذي نقضيه في حياة الدنيا،
والموت آتٍ لا محالة ، وكلنا ينتظره في كل وقت وفي كل لحظة ، ولا ندري متى يأتنا، ولا
على أية شكل يأتينا. ففرصتنا هي هذا العمر الذي نحن فيه الان ، ولو دامت لغيرك ما وصلت
إليك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق